للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وَبِالْجُمْلَةِ فَالْغَرْسُ إنْ لَمْ يَتَعَاهَدْهُ صَاحِبُهُ أَوْشَكَ أَنْ يَهْلَكَ، وَمِنْ هُنَا تَعْلَمُ شِدَّةَ حَاجَةِ الْعِبَادِ إلَى مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ عَلَى تَعَاقُبِ الْأَوْقَاتِ وَعَظِيمِ رَحْمَتِهِ وَتَمَامِ نِعْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ إلَى عِبَادِهِ بِأَنْ وَضعهَا عَلَيْهم وَجَعَلَهَا مَادَّةً لِسَقْيِ غِرَاسِ التَّوْحِيدِ الَّذِي غَرَسَهُ فِي قُلُوبِهِمْ.

m وَمِنْهَا: أَنَّ الْغَرْسَ وَالزَّرْعَ النَّافِعَ قَدْ أَجْرَى اللهُ سُبْحَانَهُ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُخَالِطَهُ دَغَلٌ وَنَبْتٌ غَرِيبٌ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنْ تَعَاهَدَهُ رَبُّهُ وَنَقَّاهُ وَقَلَعَهُ كَمُلَ الْغَرْسُ وَالزَّرْعُ، وَاسْتَوَى، وَتَمَّ نَبَاتُهُ وَكَانَ أَوْفَرَ لِثَمَرَتِهِ، وَأَطْيَبَ وَأَزْكَى، وَإِنْ تَرَكَهُ أَوْشَكَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ، أَوْ يُضْعِفَ الْأَصْلَ وَيَجْعَلَ الثَّمَرَةَ ذَمِيمَةً نَاقِصَةً بِحَسْبِ كَثْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِقْهُ نَفْسٍ فِي هَذَا وَمَعْرِفَةٌ بِهِ فَإِنَّهُ يَفُوتُهُ رِبْحٌ كَبِيرٌ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ؛ فَالمُؤْمِنُ دَائِمًا سَعْيُهُ فِي شَيْئَيْنِ: سَقْيِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَتَنْقِيَةِ مَا حَوْلَهَا، فَبِسَقْيِهَا تَبْقَى وَتَدُومُ، وَبِتَنْقِيَةِ مَا حَوْلَهَا تَكْمُلُ وَتَتِمُّ، وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

فَهَذَا بَعْضُ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا المَثَلُ الْعَظِيمُ الْجَلِيلُ مِنْ الْأَسْرَارِ وَالْحِكَمِ، وَلَعَلَّهَا قَطْرَةٌ مِنْ بَحْرٍ بِحَسَبِ أَذْهَانِنَا الْوَاقِفَةِ، وَقُلُوبِنَا المُخْبطِةِ، وَعُلُومِنَا الْقَاصِرَةِ، وَأَعْمَالِنَا الَّتِي تُوجِبُ التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ، وَإِلَّا فَلَوْ طَهُرَتْ مِنَّا الْقُلُوبُ، وَصَفَت الْأَذْهَان، وَزَكَت النُّفُوسُ، وَخَلَصَت الْأَعْمَالُ، وَتَجَرَّدَت الهمم لِلتَّلَقِّي عَنْ اللهِ وَرَسُولِهِ ؛ لَشَاهَدْنَا مِنْ مَعَانِي كَلَامِ الله ﷿ وَأَسْرَارِهِ وَحِكَمِهِ مَا تَضْمَحِلُّ عِنْدَهُ الْعُلُومُ، وَتَتَلَاشَى عِنْدَهُ مَعَارِفُ الْحقِّ.


= قلت: وصدقة بن موسى ضعيف، واختلف في سمير فقيل: شتير كما عند ابن حبان رقم (١٣٦) وليس فيه وجه الشاهد، ورجح الأول الدارقطني في «العلل» (٨/ ٣٣٩).
وله شاهد من حديث ابن عباس وإسناده ضعيف. كما في «أخبار أصبهان»
(١/ ٢٧٧ - ٢٧٨).

<<  <   >  >>