للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

* قُلْت: وَمِنْهُ قَوْله : ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ [الواقعة: ١٧] أَيْ: قَدْ خُلِقُوا لِلْبَقَاءِ؛ لِذَلِكَ لَا يَتَغَيَّرُونَ وَلَا يَبيدون، وَهُمْ عَلَى سِنٍّ وَاحِدٍ أَبَدًا.

وَقِيلَ: هُمْ المُقَرَّطُونَ فِي آذَانِهِمْ وَالمُسَوَّرُونَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ فَسَّرُوا اللفظة بِبَعْضِ لَوَازِمِهَا، وَذَلِكَ إشارَةٌ إلى التَّخْلِيدِ عَلَى ذَلِكَ السِّنِّ، فَلَا تنَافِي بين الْقَوْلَيْنِ.

وَقَوْلُهُ: ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾.

قَالَ الْكَلْبِيُّ: اتَّبَعَ مَسَافِلَ الْأُمُورِ وَتَرَكَ مَعَالِيَهَا.

وَقَالَ أَبُو رَوق (١): اخْتَارَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ.

وَقَالَ عَطَاءٌ: أَرَادَ الدُّنْيَا وَأَطَاعَ شَيْطَانَهُ.

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانَ هَوَاهُ مَعَ الْقَوْم (٢) يَعْنِي: الَّذِينَ حَارَبُوا مُوسَى وَقَوْمَهُ.

وَقَالَ يَمَانٌ: اتَّبَعَ امْرَأَتَهُ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي حَمَلَتْهُ عَلَى مَا فعلَه (٣).

* فَإِنْ قِيلَ: الِاسْتِدْرَاكُ بِلَكِنَّ يَقْتَضِي أَنْ يُثْبِتَ بَعْدَهَا نَفي مَا قَبْلَهَا، أَوْ يَنْفِيَ مَا أَثْبَتَ، كَمَا تَقُولُ: لَوْ شِئْت لَأَعْطَيْتُهُ لَكِنِّي لَمْ أُعْطِهِ، وَلَوْ شِئْت لَمَا فَعَلْت كَذَا لَكِنِّي فَعَلْتُهُ؛ فَالِاسْتِدْرَاكُ يَقْتَضِي: وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا، وَلَكِنَّا لَمْ نَشَأْ أَوْ فلَمْ نَرْفَعْ، ولكنه


(١) اسمه عطية بن الحارث الكوفي صاحب التفسير، صدوق من الطبقة الخامسة.
(٢) صحيح إلى ابن زيد: أخرجه الطبري في «التفسير» رقم (١٥٤٨٣)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» رقم (٩٣٣٢) وابن زيد ضعيف.
(٣) ذكر هذه الأقوال الثعالبي في تفسيره (٣/ ٩٧) ط دار الكتب العلمية.

<<  <   >  >>