من أجل الغيبة، فمن كان بإفريقية فاشترى عبدا بمصر غير قادر على التصرف فيه بالوجه الذي يقصده فيه المشتري من الاستخدام والوطء والركوب، فهذه عهدة ما يقصده المشتري، ولا يعترض هذا بأنه قادر على الهبة؛ لأنه ليس يقصده المشتري ولا بالقدرة على البيع، وليس الغرض أن يشتري ليهب أو ليبيع قبل الوصول إليه، وإنما يحمل الناس على الغالب من مقاصدهم، وقد تأول ابن القاسم قول مالك أنه على الطعام المخزون ونص مالك خلاف ذلك (١)؛ لأنه قال في الزرع إذا كان قائما وإذا جاز أن يشترط أحدهما ذلك على الآخر فلم يفعل، وأراد بعد العقد أن يشترط ذلك كان فيها قولان فقيل يجوز لفعل عثمان وعبد الرحمن وقيل: لا يجوز، وأنهما كانا متساويين.
وقال أصبغ في كتاب محمد في من باع دابة ثم تبرأ من عيوبها بعد العقد بشيء أخذه لا يجوز ذلك إلا في الرقيق، وقال في كتاب ابن حبيب: يجوز ذلك في الجارية؛ لأنه يجوز فيها البراءة، فعلى هذا يجوز نقل الضمان بعد العقد، والقياس ألا يجوز؛ لأنه ضمان بجعل وغرر إن سلم المبيع وكان الجعل للبائع كان من أكل المال بالباطل.
وقد اختلف قول مالك في هذا الأصل فمرة يقدم القياس ومرة يقدم العمل، والحكم في مصيبة ما بيع على رؤية تقدمت وهو غائب - على ما تقدم إذا بيع على صفة من غير رؤية تقدمت، وهذا إذا كان الشراء على تصديق البائع، فأما إذا كان على الوقف وعلى أنه إن كان على الصفة كان للمشتري أو على أن يختبر، فإن المصيبة من البائع، وكذلك إذا اشترى دارًا على قياس أذرع، أو أشجارًا على عدد -على إن كان عددها كذا وكذا- كانت للمشتري،