للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب فيمن نذر إحرامًا بحج أو بعمرة وما حكمه

ومن المدونة: قال مالك فيمن قال: إن كلّمتُ فلانًا فأنا محرم بحج، فحنث قبل أشهر الحج: لم يلزمه حتى تأتي أشهر الحج فيحرم (١)، إلا أن يكون نوى أنا محرم من حين حنث؛ فذلك عليه وإن كان في غير أشهر الحج. وإن قال: فأنا محرم بعمرة؛ فأرى أن يجب عليه الإحرام حين يحنث، إلا ألا يجد من يخرج معه، ويخاف على نفسه؛ فلا أرى عليه شيئًا حتى يجد من يصحبه، ولا يؤخر في شيء من ذلك إلى الميقات (٢).

وقال سحنون: إذا قال؛ فأنا محرم؛ فهو محرم بنفس الحنث، وسواء في ذلك الحج أو العمرة. وإن قال: فأنا أحرم بحج أو بعمرة فحنث؛ لم ينعقد عليه إحرام بنفس الحنث حتى يحرم، وهو بمنزلة من قال: فأنا أصلي أو أصوم أو أعتق أو أطلق امرأتي، فإنه لا يكون ممتثلًا بنفس الحنث.

وأما قوله: "محرم" ففيه إشكال؛ فيصح أن يريد: فقد صرت محرمًا، كقوله: فامرأتي طالق؛ أي: فقد صارت ذات طلاق، ولأن طالقًا صفة (٣) لها، وللحالة التي هي بها.

ويصح أن يريد: فأنا أحرم؛ لأن "محرمًا" اسم فاعل يكون للماضي وللحال وللاستقبال، والإحرام ينعقد بالقلب من غير فعل الجارحة كالطلاق، إلا أنه يعترض (٤) من وجه آخر، وهو: أن الإحرام عبادة تفتقر إلى نية، ومن شرط


(١) في (ب): (فلا يحرم).
(٢) انظر: المدونة: ١/ ٥٥٨.
(٣) في (ب): (جهة).
(٤) في (ق ٥): (يفترق) وأشار في هامشها إلى النسخة الأخرى بقوله: في نسخة: (يعترض).

<<  <  ج: ص:  >  >>