للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا لله، وهذا خلاف مقصود الشرع في المسجد (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (الجن: ١٨)، فيجب أن تخرج عن الملك الخاص إلى الملك لله وقفا.

وتأجير المصحف للقراءة فيه محرمة؛ لأن الإجارة بيع منفعة بعوض مالي استثمارا والمنفعة هنا هي تمكينه من تلاوة كتاب الله من المصحف، وهي منفعة واجب بذلها بلا عوض؛ لأنها تعبدية لله محضة كالصلاة (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الشعراء: ١٠٩)، ولأنه ليس من تعظيم شعائر الله بل الامتهان فيه أقرب (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج: ٣٢).

أما بيع المصحف فجائز؛ لأن العقد على الورق والجلد والمداد والتكاليف.

وبخلاف تعليم القرآن وعلوم الشريعة فإن الإعطاء مقابل التفرغ، وهو جائز بدليل أن من مصارف المال العام جزءا مخصوصا لله وللرسول وجزءاً في سبيل الله، أما الأول (فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) (الأنفال: ٤١).

ولا معنى لها إلا شعائر الله وكتابه ومساجده وسنن نبيه.

وأما الثاني فمن مصارف الزكاة (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) وهو كل ما لا يقصد به المعاوضة إلا منه، كطباعة المصحف وتعليم الكتاب والسنة والدعوة والجهاد (وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) (التوبة: ٤١).

والجهاد هو بذل الجهد في كل ما هو لله ودينه وشريعته بالأموال والأنفس، ولذلك كان حرب الله ورسوله في حد الحرابة في النص (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة: ٣٣) لا معنى له إلا محاربة دينه وشعائره ومساجده وكتابه وسنة نبيه.

والاستثمار في الجوانب الدينية جائز إلا ما عاد على مقصود الدين بالإبطال (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ) (البقرة: ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>