للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سفر المرأة ورفقتها]

وإذا سافرت المرأة سفرا يستغرق يوما وليلة وجب عليها أن تأمن على نفسها بِمَحرمٍ للنص الصحيح الصريح «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوماً وليلة إلا مع ذي محرم» (١)، ولو كان ذلك بوسائل النقل الحديثة جواً أو براً أو بحراً؛ لأن العلة موجودة، وهي السفر.

ونصه على مسيرة يوم وليلة يدل على اختصاص المحرم بالسفر الطويل كهذا فما فوق، فإن كانت على طائرة في زمن يسير كساعة فهل نعتبر زمن الرحلة أم مقياس المسافة على الأرض؟

الظاهر عندي النظر إلى مقياس المسافة على الأرض، فإن كان مسيرة يوم وليلة وجب المَحْرَم، ولأنها علة منصوصة مضبوطة، وقياس الزمن علةٌ غير منضبطة، هذا هو الأصل.

ثم تقرر عندي أن اعتماد الزمن أضبط سواء كانت الرحلة جوية أم برية أم بحرية، وهو ما يدل عليه منطوق الحديث، فالمرأة التي تسافر يوما وليلة (٢٤ ساعة) في جوٍ أو برٍ أو بحرٍ لا شك أنه سفر طويل وشديد المشقة ولو كان بأحدث الوسائل مما يعوزها إلى ما نص الشرع عليه من المَحْرَم لشدة حاجتها إليه في مثل هذا السفر الطويل.

ويستثنى حالة الحاجة للسفر فيجوز مع الأمن وغلبته ولو مع رفقة نساء ثقات أو في اضطرار فمنفردة، والضرورة تقدر بقدرها.

وأما السفر مع النساء المأمونات بلا حاجة أو اضطرار فهو اجتهاد لا دليل عليه نصا، ولا معنى.

أما النص فلعدم وروده، أما المعنى والتعليل الشرعي فهو حفظ المرأة وصيانة عرضها وسمعتها والقيام عليها في السفر وهذا كله يخدم مقصدا من أكبر مقاصد الشرع وهو حفظ العرض.

ولا يحقق حفظ المرأة وصيانة عرضها وسمعتها تحققا تاما إلا بمحرم لها في السفر، والشريعة في حفظ مقاصدها قصدت تمام الحفظ لا مجرد الحفظ.


(١) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>