والطلب فرض كفاية يوجب إقامة دراسات وأبحاث، ووسائلها مطلوبة.
وشُرِعَ الطب بدليل «تداووا فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له دواء» (١)؛ ولعموم (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ) (الروم: ٨).
وعلة التفكر يُتوصَّل إلى حقائقها بتمام معرفة علوم الطب بمختلف فروعه وتخصصاته.
ولأن هذه العلوم من إصلاح الأرض وعمارتها وهو مقصود شرعي للاستخلاف (قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (الأعراف: ١٢٩).
(وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) (هود: ٦١)، (وَأَصْلِحُوا) (الأنفال: ١)، (وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا) (الأعراف: ٥٦).
- لا يجوز استثمار العلوم للفساد في الأرض:
وحرم استعمال هذه العلوم للفساد في الأرض؛ لأنه خلاف مقصدها؛ ولأن الفساد في الأرض محرم قطعي، فحرم تدمير أصل الخليقة بالتغييرات الوراثية الجينية؛ لأدائه لتغيير خلق الله وفطرته وهو من عمل الشيطان المنصوص عليها (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) (النساء: ١١٩).
وحرم استعمال الأسلحة الجرثومية والكيميائية والنووية؛ لعظيم فسادها في الأرض.
ولزم دفعها ومنعها على كافة الدول، فإن اختصت بها دول وجب على أهل الإسلام صناعتها كسلاح ردع يدفع استعمال الغير له عليهم، لا صناعته لقتل الخلق به.
- وجوب تدريس علوم التصنيع:
وسائر علوم التصنيع الحديثة واجب تدريسها بمعرفةٍ لأسسها العامة بدءا من مراحل التعليم المتوسط والثانوي؛ لعموم الأمر بالطلب في النظر والبحث في الأرض، فشمل كافة المستويات، وقيدناه بالمتوسط والثانوي؛ لأنها لا تستوعب قبله غالباً.
(١) - قولنا «وشرع الطب بدليل .. » الحديث في الأمر بذلك في سنن أبي داود برقم ٣٨٥٧ وسنده صحيح على شرط البخاري، وهو في الترمذي برقم ٢٠٣٨ وقال حديث حسن صحيح، واللفظ لأبي داود عن أسامة بن شريك قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير فسلمت ثم قعدت فجاء الأعراب من ها هنا وها هنا. فقالوا يا رسول الله: أنتداوى؟ فقال «تداووا فإن الله عزوجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم».