للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان بحجة أن فيها إزعاجا للغير؛ فقائل هذا مريض القلب يخشى عليه أن يكون قوله هذا نوع ردة عن الدين؛ لأنه جعل إسماع القرآن في الصلاة وتكبيرات الانتقال إيذاء للناس.

وهو كقول ابن سلول للنبي صلى الله عليه وسلم: لا تؤذنا في مجالسنا اذهب فمن جاءك فانصحه (١).

[مشروعية التبرع لمحتاجين]

ويشرع جمع تبرع لمحتاج في المسجد كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم (٢).

والأصل الشرعي ذم التسول (٣)، فإن اضطر شخص وجب على المجتمع سد حاجته.

ومعرفة مدى حاجته حقيقة أولى؛ لأنه أنفع له ولقضاء حاجته.

وأما من اعتاد السؤال تكثرا فيُتبين أمره، فإن ظهر محتاجا أعطي وإن كان لمهنة يقصد بها التكاثر منع ونصح.

ولا ينهر السائل (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) (الضحى: ١٠)، ويصرف بالقول الحسن إن لم يتصدق عليه للآية (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا) (الإسراء: ٢٨).

[الاحتفالات والندوات في المسجد]

والاحتفالات والندوات والإنشاد في المساجد جائز، لحدوث ما يدل على ذلك في زمن


(١) - تقدم تخريجه.
(٢) - قولنا «ويشرع جمع تبرع .. » الأصل فيه ما أخرجه مسلم برقم ٢٣٩٨ من حديث جرير قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار قال فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال «(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) إلى آخر الآية (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، والآية التي في الحشر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) .. تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره -حتى قال- ولو بشق تمرة». قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت -قال- ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء».
(٣) - تقدم فيه حديث الزبير بن العوام وأبي هريرة في صحيح البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>