ولا يعد خروجا؛ لأنه إنما حرم حيث كان خروجا على الجماعة كما تفيده علة النصوص في الحديث «من فارق الجماعة»، أما إن خرج الشعب كله، أو أكثره، فقد خرجت الجماعة على فرد ظالم مفسد وهي مسألة أخرى.
وجاز لهم، وقد يجب التظاهر السلمي، والاعتصامات السلمية العامة والخاصة في كافة المؤسسات حتى إسقاط ذلك النظام الفاسد وعزله ومقاضاته.
فإن كان لعمالة أو خيانة فهو كذلك؛ أو كان سبب الارتهان احتلال عدو للبلاد، فالواجب الجهاد والمقاومة لدفعه وإخراجه بلا خلاف بين علماء الإسلام، بل أجازت تلك المقاومة المواثيق الدولية.
وإن كان لحروب وفتن داخلية، ففرض السعي للمصالحة حتى إخمادها كما أمر الله (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)(الحجرات: ٩).
فإن كان لنزاع دولي فينظر ذلك، ويعطى لكل واقعة حكم وحل.
[١٣ - جعل الوظيفة والحقوق تبعا لورقة المناطقية والفئوية]
الوظيفة العامة هي عمل عام للمسلمين بأجر من المال العام، ولا بد أن تكون جارية على ما تكون فيه المنفعة للشعب ظاهرة، فإن لم تكن منفعة فهي عبث يمنعه الشرع.
ويتعلق بها نوعان من المنافع قصدهما الشرع:
الأولى: وهي الأصل، كون منفعة الوظيفة لخدمة المصلحة العامة؛ لذلك شرط فيها الكفاءة والقوة والأمانة؛ لأنها تحقق مقصود الشرع من خدمة الولاة والموظفين للناس.
الثانية: وهي منفعة الشخص لنفسه لكفايته ومن يعول، وثَمَّ ترتيبات أخرى بحسب نوع كل وظيفة.
وقد منع الشرع تولية الضعيف «إنك ضعيف وإنها أمانة»(١)، فعلم اشتراط القوة، وهي من الكفاءة في تحمل ذلك.
ومنع من تولية من أظهر حرصا على الولاية وظهر من حاله تقديم مصالحه على المصالح العامة.