ولذا يجوز الاقتراض ولو بالربا لإجراء عملية جراحية لإنقاذ نفس أو عضو من التلف؛ لأنها من الضروريات، ويدفع الحد للشبهة في سرقة لذلك، ويبقى ضمان المال لصاحبه.
ويشرب المختنق شربة ولو من خمر؛ لإنقاذ حياته اضطرارا، لكن لا يمكن لمفت أن يجيز صفقة خمر مربحة لبناء مسكن أو شراء سيارة.
ولا يجوز الاتجار في الخمر والمحرمات لعلة توفير مصروف ضروري أو حاجي للأسرة من طعام وشراب وغيره؛ لأنها تصبح شريعة عامة تؤدي إلى هدم الدين؛ فبطل الإفتاء بذلك. وهذا بخلاف الإفتاء لشخص معين في زمن معين لدفع علة الهلاك نفسا أو عضوا تنتهي في ساعتها.
[المصاريف الإدارية على القرض]
وفرض المصاريف الإدارية على القرض، ولو بنسبة واحد في المائة هي فائدة ربوية، ولا يمكن جوازها بعلة قلتها وحقارتها؛ لأن جريان الربا العالمي بنحو هذه النسبة؛ يُبْطل هذا التمسك بهذه العلة، ولعموم تحريم الربا قليلا وكثيرا.
ولا يقاس على ما يعطى للوزان والحمال؛ لأن أولئك أجراء يعطى لهم ما يتعارف عليه بحسب وزن أو حمولة، وعقودهم مستقلة عن الصفقة ومتفاوتة العوض على ذلك العمل بعينه.
بخلاف المصاريف الإدارية فهم موظفون مع جهة الصفقة برواتب معلومة مقطوعة بالقدر والزمن مقابل عملهم، وهذا منه.
فتسمية نسبة لهم على العقد شيء آخر غير هذه الصورة وليس أجرةً بل هو الربا تحيلا.
ثم إنه لا يصل إلى أيديهم ذلك، بدليل أن رواتبهم مقطوعة سواء حصلت عقود الإقراض أم لا، وإلا لظهرت هذه النسبة على علاواتهم وتزيد بالزيادة في مثل عقود الإقراض وتنقص بها.
فكل هذا من الوهم والهوى والتحيل على الدين.
هذا ما نراه، وفي كلام أهل العلم المعاصرين اضطراب واختلاف فيها.
الإقراض من المال العام لدولة أخرى، وعدم اختصاص الثروات بالحدود السياسية:
أما الإقراض من المال العام من الدولة لدولة أخرى، فإن كانت الدولة المقرضة غنية والأخرى فقيرة وهما دولتان مسلمتان، فقد يجب ذلك دفعا للضرر العام عن أهل الإسلام.