ولعدم ما يمنع منه شرعا صراحة؛ فإن نُصَّ عليه في العقد مع عدم الموانع الشرعية واعتدال الشرط كان جزءا من العقد الواجب الوفاء (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(المائدة: ١)، ولعموم (عَفَا اللَّهُ عَنْهَا)(المائدة: ١٠١) في كل مسألة لم ينص على حكمها في التحريم أو الإيجاب، خاصة في البنوك؛ لأنها كالوسيط الناظر على أموال المودعين بالمصلحة، وهذه منها.
فيشترط البنك على طالب التمويل الاستثماري بالمضاربة شرطا جزائيا بالعدل.
وإذا دفع عميلٌ كمبيالة لبنك ليدفع له ما فيها بلا زيادة ولا نقص، ويتولى البنك تحصيل الكمبيالة في أجلها مع عمولته للوكالة في السداد والتحصيل؛ جاز.
ولو عرض البنك على العميل أن يكون هذا المال رأس مال مضاربة بربح بينهما جاز، وتكون الكمبيالة كرهن في يد البنك.
فإن حصلت خسارة فهي بينهما. هذا الأصل، إذ ليس للبنك ضمان جميع رأس ماله بواسطة الكمبيالة وتحميل المضارب جميع الخسائر؛ لأن هذا ضرر فاحش يجب دفعه ويغلب عليه الاستغلال والحيلة.
والصحيح أن يجعل في المسألة عقدان: عقد مضاربة مستقل بتغطية ضمان الكمبيالة، وعقد كمبيالة مستقل يستوفى في حينه.
فالعقد الأول يعود رأس المال للبنك والربح بينهما؛ لأن هذا عرف المضاربة، ولزومه كالشرط «والعادة محكمة»، (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ)(الطلاق: ٦).
والعقد الآخر يتعلق بالكمبيالة، فإن كانت في نفس أجل عقد المضاربة أو قبلها أو بعدها دفعت كاملة لصاحبها وليس للبنك سوى العمولة.
وإنما تدفع كاملة لأنها حقيقة لم تدفع له أول مرة، بل دفع البنك له قرضا آخر كرأس مال مضاربة، ولا تعطى العين الواحدة حكمَ عينين متضادتين، فهي كرأس مال ملكٌ للبنك، وهي كدفع ما في الكمبيالة ملكٌ للمضارب، وهذا تناقض، ولا بد أن يدخل في معنى النهي عن بيعتين في بيعة لأدائهما إلى مقصود المعنى من التناقض في الأحكام والخصومة.
ويجوز تحويل رأس المضاربة دينا بالتراضي ولو قبل تمام مدة العقد، وتحسب الأرباح حين فسخ المضاربة ثم يجعل رأس مالها دينا محضا بلا فوائد.