للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وجه، أو على حسب ما يتفقان حال إضافة الربح على رأس المال وتحويلها إلى شركة أموال؛ فيجوز أن يقسم الربح نصفين ولو تفاوتت الأموال لعلة عمل العامل، أو كان التفاوت لعلة نحو كون الشراكة مع رب المال الأصلي يمنح القبول في السوق نظرا لشهرته. وجوزنا ذلك لإطلاق النصوص في الحل التجاري، ولعدم أحد الموانع الخمسة، ولعموم (عَفَا اللَّهُ عَنْهَا) (المائدة: ١٠١) في كل مسألة غير منصوصة الحكم.

ولأن العلة التراضي في التجارات، وقد وجد؛ ولعدم وجود مفسدة على طرف، فمن ادعى المنع لزمه نقض إعمال هذه الأصول في المسألة بما ينقل عنها.

واشتراط تحمل العامل جزءا من الخسارة إن حصلت ضررٌ فاحش عليه؛ لأنه خسر من جهتين: الأولى عوض جهده المبذول في المضاربة، والثانية ضمان شيء من رأس المال لصاحبه يدفعه من ماله الخاص، وخسر رب المال من جهة واحدة هي من رأس ماله.

والضرر الفاحش يجب دفعه على من وقع عليه، وهو أحد الموانع الخمسة للعقود.

ولأنه لا ضرر ولا ضرار؛ ولأن الخسارة لم تكن بتفريط وتقصير فلا يضمن، كما لو حصل حريق عام.

وعندي وجه آخر في جواز المسألة إن جرى السوق التجاري على التعامل بها بالتراضي؛ لعموم النص التجاري بالتراضي بشرط عدم إجحاف الشرط الجزائي في تحمل شيء من الخسائر؛ لأن الإجحاف ظلم محرم ومفسدة ظاهرة كثيرة، فيعمل بقاعدة (لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ)، ولا ضرر ولا ضرار، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح (١) كعلاج للطوارئ عند التعامل التجاري لتخفيف الضرر على المتضرر، ولأنه صلى الله عليه وسلم طلب إسقاط شطر الدين المؤجل وأمر بعد الإسقاط بتعجيله (٢).

فهذا الشرط المعتدل، أعني تضمين العامل، هو تعاون على تحمل النازلة، والتعاون محمود؛ ولعموم (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ) (الرحمن: ٦٠)، ولأن رب المال محسن والمضارب محسن في عمله فيتعاونان في دفع الضرر إحسانا.


(١) - أخرجه مسلم برقم ٤٠٦٣ عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح.
(٢) - تقدم الحديث وتخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>