(٢) يشير المؤلف ﵀ هنا إلى مسألة فقهية، وهي أن من نذر أن يتصدّق بماله كلِّه، ففيها خلاف بين أهل العلم، فقال غير واحد من الصحابة، منهم عائشة، وكذا عطاء بن أبي رباح، وأحمد في رواية: إِنَّهُ يمين، يكفره ما يكفِّر اليمين، وقال النخعي والشافعي: يتصدَّق بماله كله: لحديث: "من نذر أن يطيع الله فليطعه". وقال مالك: يجزئه أن يتصدَّق بثلث ماله؛ لقول رسول الله ﷺ في قصة أبي لبابة: "يجزئك الثلث". لكن المؤلف ﵀ لم يجعل الحديث من باب اليمين أو النذر، بل قال: "إِنَّهُ استفهام"، وهو ما ذهب إليه البيهقي حيث قال بعدما أورده من طرق: "لا يثبت موصولًا، ولا يصح الاحتجاج به في هذه المسألة، فأبو لبابة إنّما أراد أن يتصدّق بماله شكرا لله تعالى حين تاب الله تعالى عليه، فأمره النَّبِيُّ ﷺ أن يمسك بعض ماله كما قال لكعب بن مالك، ولم يبلغنا أنَّه نذر شيئًا أو حلف على شيء". السنن الكبرى (١٠/ ٦٨). ويؤيِّد كون الحديث من باب الاستفهام ما ذكره الكاندهلوي من أن الحديث وقع في النسخ الهندية بصيغة الاستفهام: "أأهجر دار قومي"، وإن وقع بحذفها كما في النسخ التي بين أيدينا فهو بتقدير الهمزة كما قال الزرقاني. انظر: شرح الزرقاني (٣/ ٩١)، وأوجز المسالك (٩/ ١٠٩). وانظر المسألة في: السنن الكبرى للبيهقي (١٠/ ٦٥ - ٦٧)، وبداية المجتهد (١/ ٤٢٧)، والمغني لابن قدامة (١٣/ ٦٢٩ - ٦٣٠). (٣) سورة الأنفال، الآية: (٢٧).