للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو داود عن أبي هريرة أيضاً، عنه أنه قال: «ملعونٌ مَنْ أتى المرأة فى دبرها».

فإن قيل: قوله تعالى: ﴿أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] يقتضي إباحته؛ لأن المعنى: حيث شئتم.

قيل: هذا غير صحيح؛ لِما رواه مسلم وغيره عن جابر قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل المرأة من دبرها في قُبُلها، كان الولد أحول. فنزلت: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] قال جابر: إن شاء مجبية وإن شاء، غير أن ذلك في صِمام واحد.

• وقال القرطبي في «تفسيره» (٣/ ٩٤): ما نُسِب إلى مالك وأصحابه من هذا باطل، وَهُمْ مُبرَّءون من ذلك؛ لأن إباحة الإتيان مختصة بموضع الحرث؛ لقوله تعالى: ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ﴾، ولأن الحكمة في خلق الأزواج بث النسل، فغير موضع النسل لا يناله مالك النكاح، وهذا هو الحق.

• وقال ابن كَثير في «تفسيره» (١/ ٤٤٩): قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ حُسَيْنٍ، حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ بْنُ رَوْحٍ: سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ: مَا تَقُولُ فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ؟ قَالَ: مَا أَنْتُمْ إِلَّا قَوْمٌ عَرَبٌ، هَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إِلَّا مَوْضِعَ الزَّرْعِ، لَا تَعْدُوا الْفَرْجَ. قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ. قَالَ: يَكْذِبُونَ عَلَيَّ، يَكْذِبُونَ عَلَيَّ (١). فَهَذَا هُوَ الثَّابِتُ عَنْهُ، وَهُوَ


(١) إسناده ضعيف: إسرائيل بن رَوْح الساحلي، عن مالك. لا يدري من ذا. روى عنه إسماعيل بن حصن. في «ميزان الاعتدال» (١/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>