لأقاتلنهم على أمري حتى تنفرد سالفتي والسالفة صفحة العنق، فلما بلغهم ذلك قال عروة بن مسعود الثقفي: إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد، فاقبلوها، ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فدعا الكاتب، فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: أما الرحمن، فوالله ما ندري ما هو، ولكن اكتب: باسمك اللهم، كما كنت تكتب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اكتب باسمك اللهم، ثم قال: اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنّك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله على أن تخلوا ما بيننا وبين البيت فنطوف، فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب، أننا أخذنا ضغطة ولكن ذلك في العام المقبل، ثم اصطلح الفريقان على وضع الحرب عن الناس عشر سنين، وعلى أنه من أتى محمداً من قريش بغير إذن وليه رده عليهم، ومن جاء قريشاً ممن مع محمد، لم يردوه إليه، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وكان لهذه الشروط وقع أليم على نفوس أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودخل على الناس من ذلك أمرٌ عظيم، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلح، قام إلى هديه فنحره، ثم جلس فحلق رأسه، وعظم ذلك على المسلمين، لكن لما رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نحر وحلق، تواثبوا ينحرون ويحلقون (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) فقد أصبح هذا الصلح فتحاً عظيماً.
٩٩٧ - معنى الحديث: أن البراء بن عازب رضي الله عنه لما سمع الصحابة يتحدثون عن فتح مكة، ويفسرون به الفتح المبين في قوله تعالى: (إِنَّا