ثم قال الحافظ: وقوله " لاختلافهم " اللام تعليلية، أي حتى لا يظن أن في ذلك إجماعاً، ثم قال: واستشكل ابن العربي كلام البخاري فقال: إيجاب الغسل أطبق عليه الصحابة ومن بعدهم، وما خالف فيه إلا داود، ولا عبرة بخلافه، وإنما الأمر الصعب مخالفة البخاري، وحكمه بأن الغسل مستحب. وهو أحد أئمة الدين وأجلة علماء المسلمين. . .
ثم قال ابن العربي: ويحتمل أن يكون مراد البخاري بقوله: " الغسل أحوط " أي في الدين، وهو باب مشهور في الأصول، وهو أشبه بإمامة الرجل. انتهى كلام ابن العربي.
قال الحافظ معقباً: وهذا هو الظاهر من تصرفه، فإنه لم يترجم بجواز ترك الغسل، وإنما ترجم ببعض ما يستفاد من الحديث من غير هذه المسألة، كما استدل به على إيجاب الوضوء فيما تقدم.
ثم قال الحافظ: وأما نفي ابن العربي الخلاف فمعترض، فإنه مشهور عن الصحابة ثبت عن جماعة منهم. انتهى كلام الحافظ.
قلت: نعم ثبت هذا عن بعض الصحابة، لكن ثبت رجوع كثير منهم عن هذا القول، وربما رجع جميع من كان قال بذلك، فعندها يصح قول ابن العربي.
فقد أخرج الترمذي من حديث أُبي بن كعب قال:" إنما كان الماء من الماء " رخصةً في أول الإسلام ثم نهي عنه.
وأخرجه أبو داود بلفظ:" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما جعل ذلك رخصة للناس في أول الإسلام لقلة الثياب، ثم أمر بالغسل ونهى عن ذلك، قال أبو داود: يعني " إنما الماء من الماء ".