منقول عن بعض الصحابة، بل عن أبي بكر قطعاً بالأسانيد الصحيحة، وعن على احتمالاً مع صحة السند إليه، فإنه قال مرة بعدما صلى الصبح:" الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود " رواه عنه ابن المنذر بسند صحيح.
فقطع بعض الناس أن المراد صحة ذهابه إلى جواز السحور بعد الصلاة، وهو غير مقطوع به على الصحيح، للخلاف المشهور في حتى، هل هي تفيد الوصول أو الغاية، فبالقول الأول هي موافقة لظاهر القرآن، وما عينته السنة من أن الأذان بالصبح هو انتهاء وقت إباحة الطعام.
وكذا خبر علي في قصة تسحره في العسكر، فإنه محتمل إن صح له الخبر، وكذا خبر ابن مسعود محتمل أيضاً، لا يقطع فيه بمثل قول أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين.
فإني لا أحل النقل عن علي وابن مسعود، بمثل النقل عن أبي بكر، وأما من التابعين فهو الأعمش، ولم يكن يعمل به، كما هو ظاهر كلامه فإنه قال: " لولا الشهرة لصليت الغداة ثم تسحرت، فمفهومه أنه كان يراه ولا يفعله، ومعناه منقول عن أبي بكر بن عياش راوي هذا الخبر كما قدمنا، ولم يصل إلينا إن كان عمل به أم لا.
لذلك صح تعقب الحافظ على الموفق وغيره في نقلهم الإجماع على خلاف ما ذهب إليه الأعمش.
قلت فصح هذا الحديث على شرطنا، إن كان قال به واحد أو اثنان من الفقهاء أو المحدثين.