فإنك إذا تأملت هذه العبارة وجدت قبل قتل القاتل حالة، وبعده حالة. ورأيت أن انصرات الحديث للحالة الثانية هو الأقرب كما يدل عليه السياق، إلا أننا نجيب عنهما جميعاً لنبيّن المراد: فإننا إن سلمنا أن قوله - صلى الله عليه وسلم - " القاتل والمقتول في النار " أراد به الحالة التي قبل قتل القاتل. فإن معرفة كون المقتول من أهل النار، لا تتم إلا عن طريق الوحي، والوحي من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - ".
وإن سلمنا أن المراد من قوله ما بعد قتل القاتل فاللفظ منصرف إلى ثلاثة احتمالات لا رابع لها:
الأول: أن يكون المراد بالقاتل والمقتول، ما قصد في الحالة الأولى، وقد أجبنا عنها.
الثاني: أن يكون المراد بالقاتل ولي المقتول، وبالمقتول القاتل أولا، فإن كان هذا، فهو أيضاً لا يمكن معرفته في حق ولي المقتول أنه في النار إلا عن طريق الوحي، سيما وأنه لم يمت بعد، والتوبة مفتوحة له على رأي الجمهور القائلين بصحة توبة القاتل. فهو كالأول.
الثالث: أن يكون المراد بالقاتل ولي المقتول، وبالمقتول الأول، وجواب هذا منتزع من الأول والثاني.
فتبين من هذا وجوب الحكم على الحديث بأنه من الخصائص، ولم نفرق فيه بين اللفظ والحكم، لأن القصة واحدة، واللفظ كما قدمنا، والحكم عرفنا تخصيصه من مخالفته لسائر النصوص عنه الصحيحة الصريحة المستفيضة، والله أعلم.