يحسن إليه ويرد عليه الإبل ويعفو عنه ويحبوه، فقال له أوس: يا بشر، ما ترى أن أصنع بك؟ فقال بشر شعرًا:
إنِّي لأرجو منك يا أوس نعمةً … وإني لأُخْرَى منك يا أوس رَاهِبُ
وإني لأمْحُو بالذي أنا صادق … به كلما قد قُلْتُ إذ أنا كَاذِبُ
فهل نافعي في اليوم عندك أنَّنِي … سأشكر إن أنْعَمت والشُّكْرُ واجِبُ
فِدًى لابن سُعْدَى اليوم كل عشيرتي … بني أسَدٍ أقصاهم والأقارِبُ
تداركني أوس بن سُعْدَي بنعمةٍ … وقد أمكنه من يَدَيَّ العَواقِبُ
فمن عليه أوس جودًا، ورد عليه ما كان أخذه منه، وأعطاه من ماله مائة ناقة، فقال بشر: لا جرم لا مدحت أحدًا غيرك حتى أموت، وكان قد هجاه بخمس، ومدحه بخمس، من مدحه القصيدة المشهورة أولها:
أَتَعرف من هُنَيْدَة رسمَ دارٍ؟ … بخُرْجَي (١) ذروة فإلى لِواهَا
ومنها مَنزِل بِبِراق جَنْبٍ (٢) … عَفَتْ حُقُبًا وغَيَّرها بلاها
ومنها:
إلى أوس بن حارثة بن لامٍ … ليقْضي حاجتي فيمن قَضَاها
فلا وَطِيء الثَّرى مثل ابن سُعْدى … ولا لَبِسَ النِّعَال ولا احْتَذَاها (٣)
وقال أبو الطَّمْحَان القَيْنِي، واسمه حَنْظَلة يمدح بني لام:
إذا قيل أيُّ النَّاسِ خير قبيلة … وأصبر يومًا لا تَوَارَى كَواكِبُهُ؟
فإنَّ بني لام بن عمرو أرومة … سَمَتْ فوقَ صَعبٍ لا تُنَالُ مراقبه
أضاءت لهم أحسابهم وجدودهم (٤) … دُجَى اللَّيْلِ حتى نَظَّم الجِزْعَ ثَاقِبُهْ
(١) في أثير ١/ ٦٢٨ قال: بحرجي.
(٢) في أثير ١/ ٦٢٨، قرأ: خبت.
(٣) المبرد ١/ ٢٣٢، البغدادي ٢/ ٢٦٢ - ٢٦٣.
(٤) نفس المصدر ١/ ٤٩، الحماسة، ٢٧١، ٢٧٢، كلاهما قرأ: ووجوههم.