للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان حارثة بن لام من أوفى الناس جسمًا. ومن بطون بني لام، بنو مَسْرُوق بطن، وبنو كِنديّ بطن، وبنو أوس بطن، وعَتُود بطن، فأما أوس ذكر ابن الأثير (١): أنه أوس بن خالد بن حارثة بن لام، وكان يضرب به المثل في الفضل والجود، وكان اسم أمه سُعْدَي بنت حُصَيْن الطائية، وكانت سَيِّدَة، وكان أوس سيدًا مقدمًا، وذكروا أنه وفد وحاتم الطائي على عمرو بن هند، فدعا أوْسا فقال: أنت أفضل أم حاتم؟ فقال: أبيت اللعن لو ملكني حاتم أنا وولدي ولحمتي لوهبنا في ضحوة، ثم دعا حاتمًا فقال له: أنت أفضل أم أوس؟ فقال له: أبيت اللعن ولأحَدُ ولده أفضل مني، إنما ذُكِرْت بأوس. وكان النعمان قد دعا بحلة، وعنده وفود العرب من كل حي، فقال: احضروا من الغد، فسألبس هذه الحلة أفضلكم وأكرمكم، فحضروا جميعًا إلا أوسًا، فقيل له لم تتخلف؟ فقال: إن كان المراد غيري فأجمل الأشياء أن لا أكون حاضرًا، وإن كنت المراد فسأطلب، فلما جلس النعمان لم ير أوسًا، فقال: اذهبوا فقولوا له: احضر آمنًا مما خفت منه، فحضر وألبسه الحلة فحسده قومه، فقالوا للحطيئة: اهج أوسًا ولك ثلاثمائة ناقة، قال: فكيف أهجو رجلًا وما في بيتي زاد ولا متاع إلا من عنده، ثم أنشأ يقول:

كَيْفَ الهِجَاءُ وما تَنْفَكُّ صالحةٌ … من آل لامٍ بظَهْر الغَيْب تأتيني؟

فقال لهم بشر بن أبي خازم، من بني أسد بن خزيمة: أنا أهجوه، فأعطوه الإبل، قال ابن الأثير: فهجا أوسا وذكر أمه سُعْدَى، فلما عرف أوس ذلك أغار عليه فاكْتَسَح الإبل وهرب بِشْر إلى بني أسَد، وكان لا يستجير بأحد إلا قالوا: أجرناك إلا من أوس، ولجأ إلى عشيرته في بني أسَد وكرهوا أن يسلموه لأوس، ورأوا ذلك عارًا عليهم، فجمع أوس قومه جَدِيْلة، وسار إليهم ولحقهم بظهر الدناء تلقاء، تيماء (٢)، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فانهزمت أسد وقُتلوا قتلا ذريعًا فهرب بِشْر، فجعل لا يأتي على حي يطلب جوارهم إلا امتنع من إجارته على أوس، ثم نزل على جُنْدَب بن حِصن الكِلابي بأعلى الصُّمَّان، فأرسل أوس يطلب منه بِشْرًا فأرسله إلى أوس، فلما قدم به على أوس أشارت عليه أمه سُعْدَي أن


(١) أثير، ١/ ٦٣٥.
(٢) في الأصل: التيم، والتصحيح من أثير، ١/ ٦٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>