للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراد: قيل: هو مراد بن عنس بن مذحج، وقيل: بل كان اسمه يخابر فتمرد فسمي مرادًا. قدم منهم فروة بن مسيك المرادي وافدًا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، مفارقًا لملوك كندة ومتابعًا للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنزل على سعد بن عبادة، وكان يتعلم القرآن وفرائض الإسلام وشرائعه، وأجازه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بثنتي عشرة أوقية، وحمله على بعير نجيب، وأعطاه حلة من نسج عُمان، واستعمله على مراد وزبيد ومَذْحج (١)، وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقات، وكتب له كتابًا فيه فرائض الصدقة (٢).

بنو جُعفي: ابن سعد العشيرة بن مذحج، كان منهم الإمام البخاري صاحب صحيح البخاري، وهو بالولاء لا بالنسب (٣). وكانت بلادهم باليمن جنوب شرقي صنعاء، وواديهم هناك جردان. وفد منهم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قيس بن سلمة بن شراحيل من بني مَرَّان بن جُعفي (٤)، وسلمة بن يزيد بن مشجعة بن المجمع، وهما أخوان لأمٍ، وأمهما مُلَيْكَة بنت الحلو بن مالك من بين حَرِيم بن جُعفي، فأسلما.

وكانت جعفي يحرمون القلب في الجاهلية (٥) فقال لهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، بلغني أنكم لا تأكلون القلب؟ فقالا: نعم: قال: فإنه لا يكمل إسلامكم إلا بأكله؛ ودعا لهما بقلب مشوي، ثم ناوله سلمة بن يزيد، فلما أخذ أرعدت يده، فقال له رسول اللَّه: كله، فأكله وقال:

على أني أكلت القلب كَرهًا … وترعد حين مسسته بناني

ثم كتب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لقيس بن سلمة كتابًا نسخته: "كتابُ من محمد رسول اللَّه لقيس بن سلمة بن شراحيل، إني استعملتك على مُرَّان ومواليها وحريم ومواليها، والكلاب ومواليها من أقام الصلاة وآتى الزكاة وصدق ماله وصفَّاه.


(١) لعل المقصود هنا مراد الشام وكانت ديارهم حول ديار زبيد قرب جرش، ومذحج الشام التي صارت اليوم تسمى (قحطان).
(٢) الطبقات لابن سعد ص ٣٢٧ ج ١.
(٣) سبائك الذهب ص ٣٧.
(٤) كان لجعفي من الولد: مَرَان، وحريم.
(٥) والغريب أن هذه العادات لها بقايا في البادية، فقبيلة حرب كانت ترى من العيب أكل اللسان والقلب، وجهينة ترى من العيب أكل العين.

<<  <  ج: ص:  >  >>