للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن إسحاق: وقدم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، عمرو بن معد يكرب الزبيدي في أناس من بني زبيد، فأسلم. وكان عمرو قد قال لقيس بن مكشوح المرادي حين انتهى إليهم أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا قيس، إنك سيد قومك، قد ذكر لنا أن رجلا من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز، يقول إنه نبي، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبيا كما يقول، فإنه لن يخفى عليك، وإن كان غير ذلك علمنا علمه؛ فأبى عليه قيس، وسفه رأيه.

فركب عمرو حتى قدم على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأسلم وصدقه وآمن به، فلما بلغ ذلك قيس بن مكشوح أوعد عمرًا، وتحطم عليه (١)، فقال عمرو:

أمرتك يوم ذي صنعا … ء أمرًا ماديًا رَشَدُهْ

أمرتك باتقاء اللَّه … المعروف تتَّعِدُهُ

خرجتُ من المُنى مثل … الحُميِّر غَرَّةَ وَتِدُهْ

تمنّاني على فرس … عليه جالسًا أسَدُهْ

إلى قوله:

فلو لاقَيْتَني للقيتَ … ليثًا فوقه لِبَدُهْ (٢)

وعمرو بن معد يكرب كان شاعرًا شجاعًا، له ديوان مطبوع، وكان له سيف يسمى الصمصامة، مشهور.

وظلت زبيد معروفة إلى أواخر القرن الثالث الهجري حيث تعرضت للإمام الهادي إلى الحق: يحيى بن الحسين، حين سار إلى اليمن فتعرضوا له قرب بيشة فحاربهم وهزمهم.

وفيما قرأت من كتب الأنساب قول أحدهم: وهم زبيد الحجاز الذين عليهم درك الحاج بين الصفراء والجحفة، أو نحو هذا. وهذا غلط، فزبيد الحجاز عن حرب بن سعد من خولان، ثابت نسبهم هناك (٣).


(١) تحطم عليه: اشتد غيظًا عليه.
(٢) السيرة: ج ٢ ص ٥٨٣.
(٣) انظر كتاب (نسب حرب) للبلادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>