للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ الْعَدْلُ؛ فَإِنَّ النَّمَاءَ حَصَلَ بِمَالِ هَذَا وَعَمَلِ هَذَا فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِالرِّبْحِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ بِالنَّمَاءِ؛ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا؛ بَلْ يُجْعَلُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ شَرِكَةَ مُضَارِبَةٍ (١).

قال ابن القيم رحمه الله: فَإِنْ كَانَ قَدْ رَبِحَ فِيهِ بِنَفْسِهِ:

فَقِيلَ: الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ رَحِمَهُمَا الله.

وَقِيلَ: كُلُّهُ لِلْغَاصِبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ رَحِمَهُمَا الله.

وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْدَعَهُ مَالًا فَاتَّجَرَ بِهِ وَرَبِحَ، فَرِبْحُهُ لَهُ دُونَ مَالِكِهِ عِنْدَهُمَا وَضَمَانُهُ عَلَيْهِ.

وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الرِّبْحِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتِيَارُ شَيْخِنَا رحمه الله، وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ، فَتُضَمُّ حِصَّةُ الْمَالِكِ مِنَ الرِّبْحِ إِلَى أَصْلِ الْمَالِ وَيُتَصَدَّقُ بِذَلِكَ.

وَهَكَذَا لَوْ غَصَبَ نَاقَةً أَوْ شَاةً فَنَتَجَتْ أَوْلَادًا، فَقِيلَ: أَوْلَادُهَا كُلُّهَا لِلْمَالِكِ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ شَيْءٌ مِنَ النِّتَاجِ رَدَّ أَوْلَادَهَا وَقِيمَةَ الْأُمِّ وَمَا مَاتَ مِنَ النِّتَاجِ، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا مَاتَتْ فَرَبُّهَا بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ مَاتَتْ وَتَرْكِ


(١) «مجموع الفتاوى» (٣/ ٣٢٣).

<<  <   >  >>