الأول: القول بطهارة الكلاب وهو قول المالكية، ورواية عند بعض الحنفية. الثاني: القول بنجاسة الكلاب وهو قول بعض الحنفية وقول الشافعية والحنابلة وسحنون من المالكية، ولكل أدلته: ولقد استدل القائلون بالطهارة: ١ - بقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤]. قالوا: إنها إن لم تكن طاهرة لما جاز الأكل مما أمسكت في الصيد. ٢ - بحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: كَانَتِ الكِلَابُ تَبُولُ، وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي المَسْجِدِ، فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. ٢ - بحديث يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر وعمرو ابن العاص مرا بحوض فقال عمرو: يا صاحب الحوض، أتَردُ على حوضك السباع؟ فقال عمر: يا صاحب الحوض، لا تخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا، [الموطأ: ٦٢]، قالوا: والسباع من جملتها الكلاب. ويجاب على هذه الأدلة التي استدلوا بها بما يلي: أ- لا يسلم لهم استدلالهم بالآية إذ أن بعض الفقهاء يقولون بغسل الموضع الذي أمسكه الكلب، أضف إلى ذلك أن الكلب المعلم له أحكامُه الخاصة. ب- حديث عبد الله بن عمر حمله العلماء على أنه كان قبل الأمر بقتل الكلاب (*) والأمر بغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب، وكان قبل الأمر بصيانة المساجد عن هذا. ج- حديث: «يا صاحب الحوض» ضعيف مرسل وإن صح فإن لفظة «السباع» تطلق ويراد بها ما يفترس الحيوان ويأكله قهرًا كالأسد والنمر والذئب، ثم إن العلماء حملوا هذا الخبر على كون الحوض كبيرًا إن حركت منه ناحية. لم تتحرك به الناحية الأخرى. هذا وقد استدل القائلون بالنجاسة بما يلي: حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ، أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ». فلفظة «طهور» تدل على حدوث نجاسة للإناء، أيضًا جاءت لفظة «فليرقه» في رواية أخرى، وهذا يُشعر بأن ما في الإناء تنجس. أيضًا استدلوا بأخبار أخرى لم آت بها لعدم ثبوتها. (*) الأمر بقتل الكلاب منسوخ.