وحجتهم أن الحكم إذا عُلق باسم مشتق دل على أن المعنى الذي اشتق منه الاسم هو علة الحكم، مثل قوله سبحانه:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨]، ففهم أن السرقة هي علة قطع اليد، وعلى هذا فقد جاء في هذا الحديث «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ»، فتبين أن الطعم هو علة الحكم؛ لأن الطعام مشتق من الطعم.
وأجاب ابن حزم على هذا الاستدلال فقال:
ولا حجة لهم في الخبر المذكور؛ لأنه إنما فيه الطعام بالطعام مثلًا بمثل، وليس فيه المنع عنه مثلًا بأكثر، ولا إباحة، إنما هو مسكوت عنه، فوجب طلبه من غير هذا الخبر.
وأيضًا: فإن لفظة الطعام لا تُطلق في لغة العرب إلا على البُر وحده، كما روينا من طريق أبي سعيد الخدري وهو حجة في اللغة:«كُنَّا نُخْرِجُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعَ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعَ أَقِطٍ»(١)، فلم يوقع اسم الطعام إلا على البُر وحده.
وأيضًا: فإذا كان قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» موجبًا عندكم للمنع من بيع الطعام بالطعام أكثر من مثل بمثل، فاجعلوا ولابد اقتصاره عليه السلام على ذكر الأصناف الستة مانعًا