ثم يضرب له مثالًا ويقول:«إن كل ما أنبت الربيع يقتل حَبَطًا أو يُلم».
والمعنى أن النبات الذي ينبت في زمن الربيع أو من الربيع الذي هو جدول الماء، تأكل منه الأنعام، وتُعجب به، فهو في أعينها خصرةٌ حلوة، إلا أن النتيجة تكون موتها أو مرضها؛ إن لم تمت الأنعام من كثرة ما أكلت فإنها تُصاب بمرض يسمى مرض الحبط، وهو ما يعتري الدواب من انتفاخ تموت بسببه، مع أن الدواب اشتهت الطعام وأقبلت عليه، إلا أنه كان سببًا في هلاكها.
ثم استثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- من هذه الماشية، صنفًا حُمدت عقباه، وهو صنف آكلة الخضرة، فقال عنها:«أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَاجْتَرَّتْ وَثَلَطَتْ وَبَالَتْ» أي أن هناك من البقر من يأخذ من الطعام بقدر ما يكفيه، ثم بعد ذلك تستقبل البقرة الشمس لِتَحمي؛ فيسهل إخراج ما أُكل «فاجترت» أي أخرجت الطعام من بطنها مرة أخرى فمضغته ليسهل بلعه، «فثلطت وبالت» أي أخرجت فضلات غذائها، وهذا مثالٌ نافع.
ثم وجَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- نصيحته للأمة فقال:«وَإِنَّ هَذَا المَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ فَنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ»