للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عمر أخو الْمُوَفَّق: «ينسبونا إلى مسجد أَبي صالح، لا أنّا صالحون» (١) وهذا من ورعه، وتواضعه.

[المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وفاته]

ولد الْمُوَفَّق - رحمه الله - بجمَّاعيل، إحدى قرى مدينة نابلس بفلسطين، في شعبان سنة (٥٤١ هـ)، في أسرة اشتهرت بالعلم والصلاح، وكان تام الخلقة، أبيض مشرق الوجه، أدعج كأن النور يخرج من وجهه؛ لحسنه، وأسع الجبين، طويل اللحية، قائم الأنف، مقرون الحاجبين، صغير الرأس، لطيف اليدين والقدمين، نحيف الجسم، ممتعا بحواسه، هاجر مع أهل بيته وأقاربه

إلى دمشق (٢)، وحفظ القرآن، وحفظ مختصر الخرقي في الفقه وله عشر سنين، ولما بلغ العشرين من عمره سافر إلى بغداد (٣)؛


(١) انظر: ذيل طبقات الحنابلة ٣/ ١١٠، والمقصد الأرشد ٢/ ٣٤٧، وشذرات الذهب ٧/ ٥١.
(٢) دمشق: بكسر أوله، وفتح ثانيه، والكسر لغة فيه، البلدة المشهورة قصبة الشام، وهي جنة الأرض بلا خلاف ليس في أرض الإسلام وفي أرض الروم مثلها، وهي من أحسن البلاد وأجلها موقعا سهلية جبلية، وفي شمالها جبل عظيم ممتد مسيرة أربعة أيام لها سور من حجارة، ودورها اثنا عشر ميلا، افتتحها أبو عبيدة بن الجراح صلحا، وبها عيون كثيرة، تأتي من قنوات الجبال، ولا تكاد الشمس أن تصل إلى أكثر أرضها لكثرة الشجر. ينظر: آكام المرجان في ذكر المدائن المشهورة في كل مكان ص ٥٧، والمسالك والممالك ص ٨٧، معجم البلدان ٢/ ٤٦٣.
(٣) بغداد: أم الدنيا، وسيدة البلاد، وجنة الأرض، ومدينة السلام، وقبة الإسلام، ومجمع الرافدين، ومعدن الظرائف ومنشأ أرباب الغايات، هواؤها لطيف، وماؤها عذب، وتربتها طيبة، مثوى الخلفاء، ومقر العلماء بناها الخليفة العباسي المنصور، وهي عاصمة الخلافة العباسية، وهي اليوم عاصمة العراق، وتقع على ضفتي دجلة. ينظر: معجم البلدان ١/ ٤٥٦، وآثار البلاد وأخبار العباد ص ٣١٣، رحلة ابن بطوطة ٢/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>