أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الْخَبَرِ - هَذَا لَا يَخْلُو الْقَوْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا أَوْ أَمْرًا - فَبَطَلَ أَنْ يَكُنْ خَبَرًا، لِأَنَّنَا قَدْ وَجَدْنَا " الْقَرَامِطَةَ " الْكَفَرَةَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ قَدْ قَتَلُوا فِيهِ أَهْلَ الْإِسْلَامِ.
وَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَالْفَاسِقَ الْحَجَّاجَ قَدْ قَتَلَا فِيهِ النُّفُوسَ الْمُحَرَّمَةَ - فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، إذْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ.
وَأَنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ خَبَرٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ كَذَبَ، لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، بِمَا لَمْ يَقُلْهُ قَطُّ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣] ، وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٦٩] ، حَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ الْحَرَمُ لَهُ فَضْلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَخَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهُ فِي الْإِسْلَامِ، بَلْ مَا زَادَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَرَمَ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا تَعْظِيمًا، وَحُرْمَةً، وَإِكْرَامًا.
وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا عُبَيْدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ نا أُسَامَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْفَتْحِ، وَفِيهِ «إنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ الْمُحَرَّمَةُ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَالَ: مَا قَالَ؟ قَالَ: قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنَّ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ: بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ - نا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ «إنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَفَزِعَ قَوْمُهَا إلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَ بِهِ قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسَامَةُ فِيهَا تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: تُكَلِّمُنِي فِي حَدٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute