للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ الْجَمْعُ فِي اسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ]

مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ الْجَمْعُ فِي اسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ وِلَادَةٍ أَوْ مِنْ رَضَاعٍ كَمَا ذَكَرْنَا لَا بِزَوَاجٍ وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ، وَلَا إحْدَاهُمَا بِزَوَاجٍ، وَالْأُخْرَى بِمِلْكِ يَمِينٍ، وَلَا بَيْنَ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ أَخِيهَا، وَلَا بَيْنَ الْخَالَةِ وَبِنْتِ أُخْتِهَا، كَمَا قُلْنَا فِي الْأُخْتَيْنِ سَوَاءً سَوَاءً.

فَمَنْ اجْتَمَعَ فِي مِلْكِهِ أُخْتَانِ، أَوْ عَمَّةٌ وَبِنْتُ أَخِيهَا، أَوْ خَالَةٌ وَبِنْتُ أُخْتِهَا، فَهُمَا جَمِيعًا عَلَيْهِ حَرَامٌ، حَتَّى يُخْرِجَ إحْدَاهُمَا عَنْ مِلْكِهِ بِمَوْتٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ، أَوْ حَتَّى تَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا بِأَيِّ هَذِهِ الْوُجُوهِ كَانَ: حَلَّ لَهُ وَطْءُ الْبَاقِيَةِ.

فَإِنْ رَجَعَتْ إلَى مِلْكِهِ الْأُخْرَى رَجَعَتْ حَرَامًا كَمَا كَانَتْ، وَبَقِيَتْ الْأُولَى حَلَالًا كَمَا كَانَتْ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ أَوْ زَوَّجَهَا أَوْ مَاتَتْ: حَلَّتْ لَهُ الَّتِي كَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِ.

وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ: حَلَّ لَهُ زَوَاجُ الْأُخْرَى.

وَكَذَلِكَ إنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَتَمَّتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَالَى غَفَرَ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ تَعَالَى أَبْقَاهُمْ عَلَيْهِ.

قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ يَخْتَلِفْ النَّاسُ فِي تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِالزَّوَاجِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، فَطَائِفَةٌ أَحَلَّتْهُمَا، وَطَائِفَةٌ تَوَقَّفَتْ فِي ذَلِكَ.

وَطَائِفَةٌ قَالَتْ: يَطَأُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ، فَإِذَا وَطِئَهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى.

فَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ، وَالْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا - يَعْنِي بِمِلْكِ الْيَمِينِ -.

وَأَخْبَرَهُ عِكْرِمَةُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: لَا تُحَرِّمُهُنَّ عَلَيْك قَرَابَةٌ بَيْنَهُنَّ، إنَّمَا يُحَرِّمُهُنَّ عَلَيْك الْقَرَابَةُ بَيْنَك وَبَيْنَهُنَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>