مِنْهُ، وَبَيْنَ خُرُوجِهِ لِمَا افْتَرَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ؟
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ الْمَرِيضَ، وَلَا أَنْ يَشْهَدَ الْجِنَازَةَ، وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجُمُعَةِ بِمِقْدَارِ مَا يُصَلِّي سِتَّ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَلَهُ أَنْ يَبْقَى فِي الْجَامِعِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مِقْدَارَ مَا يُصَلِّي سِتَّ رَكَعَاتٍ، فَإِنْ بَقِيَ أَكْثَرَ، أَوْ خَرَجَ لِأَكْثَرَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، فَإِنْ خَرَجَ لِجِنَازَةٍ، أَوْ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ: بَطَلَ اعْتِكَافُهُ؟ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِكُلِّ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مِقْدَارُ لُبْثِهِ فِي خُرُوجِهِ لِذَلِكَ نِصْفَ يَوْمٍ فَأَقَلَّ لَمْ يَضُرَّ اعْتِكَافَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ: بَطَلَ اعْتِكَافُهُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّ فِي هَذِهِ التَّحْدِيدَاتِ لَعَجَبًا وَمَا نَدْرِي كَيْفَ يَسْمَحُ ذُو عَقْلٍ أَنْ يُشَرِّعَ فِي دِينِ اللَّهِ هَذِهِ الشَّرَائِعَ الْفَاسِدَةَ فَيَصِيرُ مُحَرِّمًا مُحَلِّلًا مُوجِبًا دُونَ اللَّهِ تَعَالَى؟
وَمَا هُوَ إلَّا مَا جَاءَ النَّصُّ بِإِبَاحَتِهِ فَهُوَ مُبَاحٌ، قَلَّ أَمَدُهُ أَوْ كَثُرَ
أَوْ مَا جَاءَ النَّصُّ بِتَحْرِيمِهِ فَهُوَ حَرَامٌ قَلَّ أَمَدُهُ أَوْ كَثُرَ
أَوْ مَا جَاءَ النَّصُّ بِإِيجَابِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ بِتَحْدِيدٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَسَمْعًا وَطَاعَةً؟
[مَسْأَلَةٌ يَعْمَلُ الْمُعْتَكِفُ فِي الْمَسْجِدِ كُلَّ مَا أُبِيحَ لَهُ]
٦٢٩ - مَسْأَلَةٌ وَيَعْمَلُ الْمُعْتَكِفُ فِي الْمَسْجِدِ كُلَّ مَا أُبِيحَ لَهُ مِنْ مُحَادَثَةٍ فِيمَا لَا يَحْرُمُ، وَمِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ أَيِّ عِلْمٍ كَانَ، وَمِنْ خِيَاطَةٍ، وَخِصَامٍ فِي حَقٍّ، وَنَسْخٍ، وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ، وَتَزَوُّجٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَتَحَاشَ شَيْئًا، لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ: هُوَ الْإِقَامَةُ كَمَا ذَكَرْنَا، فَهُوَ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَتْرُكْ الِاعْتِكَافَ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ؟ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً فِي ذَلِكَ، لَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ لَا صَحِيحَةٍ وَلَا سَقِيمَةٍ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا قَوْلِ مُتَقَدِّمٍ مِنْ التَّابِعِينَ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute