أَحَدَ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِي لَهُمْ الْعَفْوُ أَوْ الْقِصَاصُ إنْ مَاتَ وَتَرَكَ زَوْجَةً وَبَنَاتٍ لَمْ يَرِثْنَ الْخِيَارَ الَّذِي لَهُ.
وَهَذَا مِمَّا تَنَاقَضَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ؛ لِأَنَّهُمْ يُوَرِّثُونَ الْعَفْوَ وَالْقِصَاصَ وَلَا يُوَرِّثُونَ الْخِيَارَ هَاهُنَا، فَأَمَّا إذَا بَلَغَ الشَّرِيكَ أَمْرُ الْبَيْعِ فَقَالَ: أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ مَاتَ فَقَدْ صَحَّتْ لَهُ، وَهِيَ مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ حِينَئِذٍ، وَلِوَرَثَتِهِ الطَّلَبُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَالٌ قَدْ تَمَّ لَهُ.
وَلَا مَعْنَى لِلطَّلَبِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَا لِحُكْمِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ قَطُّ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا جُعِلَ الْقَاضِي لِيُجْبِرَ الْمُمْتَنِعَ مِنْ الْحَقِّ فَقَطْ وَلَا مَزِيدَ، وَلَوْ تَعَاطَى النَّاسُ الْحُقُوقَ بَيْنَهُمْ مَا اُحْتِيجَ إلَى قَاضٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة بَاعَ شِقْصًا أَوْ سِلْعَةً مَعَهُ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَجَاءَ الشَّفِيعُ يَطْلُبُ]
١٦٠٥ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ بَاعَ شِقْصًا أَوْ سِلْعَةً مَعَهُ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَجَاءَ الشَّفِيعُ يَطْلُبُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكَ الْكُلَّ وَهَذَا قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَسَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَاضِيَيْنِ.
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ طَرِيقٍ خَامِلَةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَسُفْيَانُ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الشُّفْعَةِ مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَلَا يُقْطَعُ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا فِيهِ شُفْعَةٌ بِالنَّصِّ.
قَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ لِلشَّفِيعِ بَعْدَ الْبَيْعِ إلَّا مَا كَانَ لَهُ إذَا أَذِنَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَالنَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ قَدْ بَيَّنَّا بِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَّا مَا رَضِيَ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، قَالَ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] وَالْبَائِعُ لَمْ يَرْضَ بِبَيْعِ الشِّقْصِ وَحْدَهُ دُونَ تِلْكَ السِّلْعَةِ فَلَا يَجُوزُ إجْبَارُهُ عَلَى بَيْعِ مَا لَا يَرْضَى بَيْعَهُ بِغَيْرِ نَصٍّ.
وَلَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ إلَّا أَخْذُ الْكُلِّ أَوْ التَّرْكُ بِإِجْمَاعِهِمْ مَعَنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ حَضَرَ عِنْدَ الْبَيْعِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا مَا كَانَ حَقَّهُ لَوْ أَخَذَهُ إذَا عَرَضَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْعَرْضِ قَبْلَ الْبَيْعِ تَبْعِيضُ مَا لَا يُرِيدُ الْبَائِعُ تَبْعِيضَهُ، فَإِنَّمَا لَهُ الْآنَ مَا كَانَ لَهُ حِينَئِذٍ وَلَا مَزِيدَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ؟ وَأَيْضًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ صَفْقَةٍ لَمْ يَرْضَ قَطُّ تَبْعِيضَهَا، وَلَا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute