وَقَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ: وَلَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَمَا لِمَنْ قَالَ هَذَا حُجَّةٌ أَصْلًا إلَّا شَغْبَتَانِ -:
إحْدَاهُمَا - أَنَّهُمْ قَالُوا: تَعَجَّلَ شَيْئًا قَبْلَ وَقْتِهِ فَوَاجِبٌ أَنْ يُحَرَّمَ عَلَيْهِ فِي الْأَبَدِ كَالْقَاتِلِ الْعَامِدِ يُمْنَعُ الْمِيرَاثَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا مِنْ أَسْخَفِ قَوْلٍ يُسْمَعُ، قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ: مِنْ أَيْنَ وَضَحَ لَهُمْ تَحْرِيمُ الْمِيرَاثِ عَلَى الْقَاتِلِ؟ وَلَا نَصَّ يَصِحُّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ - قَدْ أَوْجَبَ الْمِيرَاثَ لِقَاتِلِ الْعَمْدِ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَغَيْرُهُمَا.
ثُمَّ مِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنَّ مَنْ تَعَجَّلَ شَيْئًا قَبْلَ وَقْتِهِ وَجَبَ أَنْ يُحَرَّمَ عَلَيْهِ أَبَدًا؟ وَأَيُّ نَصٍّ جَاءَ بِهَذَا؟ أَوْ أَيُّ عَقْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ؟
ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَهُمْ أَنَّ الْقَاتِلَ يُمْنَعُ مِنْ الْمِيرَاثِ فَمِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لِتَعَجُّلِهِ إيَّاهُ قَبْلَ وَقْتِهِ؟
وَكُلُّ هَذَا كَذِبٌ وَظَنٌّ فَاسِدٌ وَتَخَرُّصٌ بِالْبَاطِلِ، وَيَلْزَمُهُمْ إنْ طَرَدُوا هَذَا الدَّلِيلَ السَّخِيفَ أَنْ يَقُولُوا فِيمَنْ غَصَبَ مَالَ مُوَرِّثِهِ: أَنْ يُحَرَّمَ عَلَيْهِ فِي الْأَبَدِ، لِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَهُ قَبْلَ وَقْتِهِ.
وَأَنْ يَقُولُوا فِي امْرَأَةٍ سَافَرَتْ فِي عِدَّتِهَا: أَنْ يُحَرَّمَ عَلَيْهَا السَّفَرُ أَبَدًا.
وَمَنْ تَطَيَّبَ فِي إحْرَامِهِ: أَنْ يُحَرَّمَ عَلَيْهِ الطِّيبُ أَبَدًا.
وَأَنْ يَقُولُوا فِيمَنْ اشْتَهَى شَيْئًا وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ فَأَكَلَهُ؛ أَوْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ - وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ - أَوْ وَهِيَ حَائِضٌ: أَنْ يُحَرَّمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الطَّعَامُ فِي الْأَبَدِ، وَتُحَرَّمَ تِلْكَ الْأَمَةُ أَوْ امْرَأَتُهُ فِي الْأَبَدِ، لِأَنَّهُ تَعَجَّلَ كُلَّ ذَلِكَ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُمْ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا.
وَالثَّانِيَةُ - رِوَايَةٌ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُنْقَطِعَةٌ -: مِنْهَا: مَا حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ نا صَالِحُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْت لِلشَّعْبِيِّ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً فَجَاءَ آخَرُ فَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا؟ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، وَتُكْمِلُ عِدَّتَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute