للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا إلْحَاقُ الْوَلَدِ بِالرَّجُلِ الْجَاهِلِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ.

وَأَمَّا وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَى الْعَالِمِ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: ٦] {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: ٧] .

وَهَذِهِ لَيْسَتْ زَوْجًا وَلَا مِلْكَ يَمِينٍ فَهُوَ عَاهِرٌ.

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» .

فَلَمْ يَجْعَلْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَّا فِرَاشًا أَوْ عِهْرًا، وَهَذِهِ لَيْسَتْ فِرَاشًا فَهُوَ عِهْرٌ، وَالْعِهْرُ الزِّنَا، وَعَلَى الزَّانِي الْحَدُّ: وَلَا حَدَّ عَلَى الْجَاهِلِ الْمُخْطِئِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] .

وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: ١٩] وَهَذَا لَمْ يَبْلُغْهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْمُعْتَقَةُ تُخَيَّرُ: فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا «لَوْ رَاجَعْتِيهِ» وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّ النَّاكِحَ فِي الْعِدَّةِ الْوَاطِئَ فِيهَا جَاهِلًا كَانَ أَوْ عَالِمًا فَحُدَّ وَكَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَلَمْ تُحَدَّ هِيَ لِجَهْلِهَا أَوْ لَمْ تُرْجَمْ، لِأَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِيهَا، فَلِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ لَنَا كُلَّ مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا مِنْ النِّسَاءِ فِي قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] الْآيَةَ إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] فَلَمْ يَذْكُرْ لَنَا الْمَنْكُوحَةَ فِي الْعِدَّةِ الْمَدْخُولَ بِهَا فِيهَا فِي جُمْلَةِ مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ فِيهَا بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا، فَإِذْ لَمْ يَذْكُرْهَا تَعَالَى، لَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا، وَلَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَحَلَّهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ نَصًّا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: ٢٤] وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>