للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُولَى، وَتَأْتَنِفُ مِنْ هَذِهِ عِدَّةً جَدِيدَةً، وَيُجْعَلُ صَدَاقُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا وَيَصِيرُ الْأَوَّلُ خَاطِبًا.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَتُكْمِلُ عِدَّتَهَا الْأُولَى، وَتَسْتَقْبِلُ مِنْ هَذَا عِدَّةً جَدِيدَةً وَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَيَصِيرُ كِلَاهُمَا خَاطِبَيْنِ - قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِقَوْلِ هَذَيْنِ، فَإِنْ أَخْبَرْتُكَ بِرَأْيٍ فَبُلْ عَلَيْهِ.

وَجَاءَ هَذَا عَنْ عُمَرَ مِنْ طُرُقٍ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ يَتَّصِلُ، وَرُوِيَ خِلَافُهَا كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا عَجَبَ أَعْجَبُ مِنْ تَعَلُّقِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ بِرِوَايَاتٍ مُنْقَطِعَةٍ عَنْ عُمَرَ قَدْ خَالَفَهُ عَلِيٌّ فِيهَا، فَمَنْ جَعَلَ قَوْلَ أَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ بِلَا بُرْهَانٍ؟

وَثَانِيَةٌ - أَنَّهُمْ قَدْ خَالَفُوا عُمَرَ فِيمَا صَحَّ عَنْهُ يَقِينًا مِنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ إذْ جَعَلَ مَهْرَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ امْرَأَةً نُكِحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عُمَرُ، وَجَعَلَ مَهْرَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَالَ: نِكَاحُهَا حَرَامٌ، وَمَهْرُهَا حَرَامٌ.

نا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ نا أُبَيٌّ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ نا يَزِيدُ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ، أَوْ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ عَنْ مَسْرُوقٍ - شَكَّ دَاوُد فِي أَحَدِهِمَا - وَقَالَ: رُفِعَ إلَى عُمَرَ امْرَأَةٌ نُكِحَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَقَالَ: لَوْ أَنَّكُمَا عَلِمْتُمَا لَرَجَمْتُكُمَا، فَضَرَبَهُمَا أَسْوَاطًا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَجَعَلَ الْمَهْرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ: لَا أُجِيزُ مَهْرًا لَا أُجِيزُ نِكَاحَهُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: عُبَيْدُ بْنُ نَضْلَةَ إمَامٌ ثِقَةٌ.

وَمَسْرُوقٌ كَذَلِكَ، فَلَا نُبَالِي عَنْ أَيِّهِمَا رَوَاهُ - وَقَدْ ثَبَتَ دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَلَى أَنَّهُ عَنْ أَحَدِهِمَا بِلَا شَكٍّ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَخَالَفُوهُ فِي جَعْلِ مَهْرِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَهُوَ الثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ، فَهَانَ عَلَيْهِمْ خِلَافُهُ فِي الْحَقِّ، وَاتَّبَعُوهُ فِيمَا لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ فِيمَا قَدْ خَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا أَوْرَدْنَا.

وَثَالِثَةٌ - وَهِيَ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ رُجُوعُ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ -: كَمَا رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>