ثَمَنٍ - أَوْ مَنْ قَالَ: لَمْ يَنُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَّا عَلَى مُقْتَاتٍ مُدَّخَرٍ، وَمَعْدِنِيٍّ؟ وَمَا يَصْلُحُ بِهِ الطَّعَامُ.
أَوْ مَنْ قَالَ: لَمْ يَنُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَّا عَلَى مَا يُزَكَّى وَعَلَى مَالِحِ الطَّعْمِ فَقَطْ - أَوْ مَنْ قَالَ: لَمْ يَنُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَّا عَلَى نَبَاتٍ، وَمَعْدِنِيٍّ، وَجَامِدٍ؟ فَأَدْخَلَ الرِّبَا فِي كُلِّ مَا يَنْبُتُ كَالصَّبْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَسْقَطَهُ عَنْ اللَّبَنِ وَمَا يَتَصَرَّفُ مِنْهُ، وَعَنْ الْعَسَلِ، وَاللَّحْمِ، وَالسَّمَكِ، فَلَيْسَ بَعْضُ هَذِهِ الدَّعَاوَى أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ.
وَكُلُّ هَذَا إذَا تَعَدَّى بِهِ مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ فَهُوَ تَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا عَجَزَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطُّ عَنْ أَنْ يُبَيِّنَ لَنَا مُرَادَهُ، وَحَاشَ لَهُ أَنْ يَكِلَنَا فِي أَصْعَبِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الرِّبَا الْمُتَوَعَّدِ فِيهِ بِنَارِ جَهَنَّمَ فِي الْآخِرَةِ وَالْحَرْبِ بِهِ فِي الدُّنْيَا إلَى هَذِهِ الْكَهَانَاتِ الْكَاذِبَةِ، وَالظُّنُونِ الْآفِكَةِ، ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ - وَنَحْمَدُ اللَّهُ عَلَى السَّلَامَةِ.
وَعَهِدْنَا بِهِمْ يَقُولُونَ: نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُجُوبِ قَطْعِ الْيَدِ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ؛ وَغَيْرُ مُوقِنِينَ بِوُجُوبِ قَطْعِهَا فِي أَقَلَّ، وَنَحْنُ مُوقِنُونَ بِتَحْرِيمِ عَصِيرِ الْعِنَبِ إذَا أَسْكَرَ وَلَمْ نُوقِنْ بِتَحْرِيمِ مَا عَدَاهُ - وَنَحْنُ مُوقِنُونَ بِالْقَصْرِ فِي ثَلَاثٍ وَلَا نُوقِنُ بِهِ فِي أَقَلَّ، فَلَا نَقُولُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ لَا نُوقِنُهُ.
فَهَلَّا قَالُوا هَهُنَا: نَحْنُ مُوقِنُونَ بِالرِّبَا فِي الْأَصْنَافِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا، وَلَسْنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا، فَلَا نَقُولُ بِهِ حَيْثُ لَا يَقِينَ مَعَنَا فِيهِ؟
وَلَوْ فَعَلُوا هَذَا هَهُنَا وَتَرَكُوا هُنَالِكَ لَوُفِّقُوا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَّبِعُونَ السُّنَنَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - ثُمَّ لَمْ يَلْبَثُوا أَنْ نَقَضُوا عِلَّتَهُمْ أَقْبَحَ نَقْضٍ، فَأَجَازُوا تَسْلِيفَ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ فِيمَا يُكَالُ، وَمَا يُوزَنُ.
وَأَجَازُوا بَيْعَ آنِيَةِ نُحَاسٍ بِآنِيَةِ نُحَاسٍ أَوْ وَزْنٍ مِنْهَا، وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ فِي دُخُولِ الرِّبَا فِيهِ.
ثُمَّ أَجَازُوا بَيْعَ قَمْحٍ بِعَيْنِهِ بِقَمْحٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، أَوْ تَمْرٍ بِعَيْنِهِ بِتَمْرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ شَعِيرٍ بِعَيْنِهِ بِشَعِيرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، فَيُقْبَضُ الَّذِي بِغَيْرِ عَيْنِهِ ثُمَّ يَفْتَرِقَانِ قَبْلَ قَبْضِ الَّذِي بِعَيْنِهِ - وَحَرَّمُوا ذَلِكَ فِي ذَهَبٍ بِعَيْنِهِ بِذَهَبٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، وَفِي فِضَّةٍ بِعَيْنِهَا بِفِضَّةٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute