شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لَا فِي نَصٍّ، وَلَا فِي مَعْقُولٍ، فَأَبَاحُوا الرِّبَا جِهَارًا - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ - فَبَطَلَتْ عِلَّةُ هَؤُلَاءِ، وَبَطَلَ قَوْلُهُمْ يَقِينًا.
١٤٨١ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَهُنَا أَشْيَاءُ ذَكَرَهَا الْقَائِلُونَ - بِتَعْلِيلِ حَدِيثِ الرِّبَا - كُلُّهُمْ، وَهِيَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ «عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْكِفَّةُ بِالْكِفَّةِ، حَتَّى خَلَصَ إلَى الْمِلْحِ» .
قَالُوا: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَكَرَ غَيْرَ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ لِوُجُوهٍ -: أَوَّلُهَا: أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمْ يَرْوِهِ إلَّا حَكِيمُ بْنُ جَابِرٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ أَسْقَطَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ ذِكْرَ الْبُرِّ، وَالتَّمْرِ وَالشَّعِيرِ -، فَبَطَلَ تَقْدِيرُهُمْ أَنَّهُ ذَكَرَ أَصْنَافًا لَمْ يَذْكُرْهَا غَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ فِيهِ: «حَتَّى خَصَّ الْمِلْحَ» فَلَاحَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ تِلْكَ الْأَصْنَافِ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّ مِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ أَنْ يَذْكُرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شَرَائِعَ مُفْتَرَضَةً فَيَسْقُطُ ذِكْرُهَا عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ - أَوَّلِهِمْ عَنْ آخِرِهِمْ - مِنْ غَيْرِ نَسْخٍ، هَذَا خِلَافُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] .
وقَوْله تَعَالَى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] .
وَلَوْ جَازَ هَذَا لَكَانَ الدِّينُ لَمْ يَكْمُلْ، وَالشَّرِيعَةُ فَاسِدَةً، قَدْ ضَاعَتْ مِنْهَا عَنَّا أَشْيَاءُ، وَلَكُنَّا مُكَلَّفِينَ مَا لَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَمَأْمُورِينَ بِمَا لَا نَدْرِيهِ أَبَدًا، وَهَذِهِ ضَلَالَاتٌ نَاهِيك بِهَا، وَبَاطِلٌ لَا خَفَاءَ بِهِ.
وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جُبَيْرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبُ بِالزَّبِيبِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالسَّمْنُ بِالسَّمْنِ، وَالزَّيْتُ بِالزَّيْتِ، وَالدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، لَا فَضْلَ بَيْنَهُمْ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute