وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْبَيِّنِ الْوَاضِحِ مِنْ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ: أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الَّتِي فِي رُءُوسِ النَّخْلِ - وَلَيْسَ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ وَهَذَا آخَرُ.
وَيَأْتُونَ إلَى مُجْمَلٍ لَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مِنْهُ إلَّا مَا فَسَّرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي مَكَان آخَرَ، فَيَزِيدُونَ فِيهِ وَيُفَسِّرُونَهُ بِالْبَاطِلِ، وَبِمَا لَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَصْلًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: لَا يَصْلُحُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: هَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ مَكِيلٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَبَرٌ اخْتَصَرَهُ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَوْ وَهَمَ فِيهِ بِيَقِينٍ لَا إشْكَالَ فِيهِ، فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، أَوْ وَهَمَ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ؛ لِأَنَّ هَذَا خَبَرٌ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِإِسْنَادِهِ: الْأَوْزَاعِيُّ، وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ - وَلَيْسَ هِشَامٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، دُونَ مَعْمَرٍ، إنْ لَمْ يَكُنْ هِشَامٌ أَحْفَظَ مِنْهُ.
فَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ - وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ أَنَا الْأَوْزَاعِيُّ - وَحَدَّثَنَا حُمَامٌ أَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ أَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ أَنَا مُسَدَّدٌ أَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ أَنَا هِشَامٌ - هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ - كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا صَاعَيْ تَمْرٍ بِصَاعٍ، وَلَا صَاعَيْ حِنْطَةٍ بِصَاعٍ، وَلَا دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ» .
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ - وَهَذَا هُوَ خَبَرُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو نَفْسُهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَأَسْقَطَ مَعْمَرٌ ذِكْرَ التَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ.
وَمِنْ الْبَيَانِ الْوَاضِحِ عَلَى خَطَأِ مَعْمَرٍ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ: إيرَادُهُ اللَّحْنَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْخَبَرِ بِقَوْلِهِ: لَا يَصْلُحُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ - وَوَاللَّهِ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute