إلَّا أَنْ يُشِيرَ إلَى شَيْءٍ، فَيَكُونُ ضَمِيرُهُ فِي " لَا يَصْلُحُ " لَا سِيَّمَا وَالْأَوْزَاعِيُّ يَذْكُرُ سَمَاعَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسَمَاعَ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ مَعْمَرٌ - وَهَذَا لَا يَكْدَحُ عِنْدَنَا شَيْئًا، إلَّا إذَا كَانَ خَبَرًا وَاحِدًا اخْتَلَفَ فِيهِ الرُّوَاةُ، فَإِنَّ رِوَايَةَ الَّذِي ذَكَرَ السَّمَاعَ أَوْلَى، لَا سِيَّمَا مِمَّنْ ذَكَرَ بِتَدْلِيسٍ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَهُمْ لَفْظُ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَمَعْمَرٍ، بِلَا زِيَادَةٍ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَلَا بَيَانٍ مِنْ سِوَاهُمَا، لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لِوَجْهَيْنِ -:
أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَلَا جِنْسَيْنِ أَصْلًا، وَهُمْ يُجِيزُونَ صَاعَيْ حِنْطَةٍ بِصَاعِ تَمْرٍ، وَبِكُلِّ مَا لَيْسَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ - وَهَذَا خِلَافُ عُمُومِ الْخَبَرِ.
فَإِنْ قَالُوا: فَسَّرَ هَذَا أَخْبَارٌ أُخَرُ؟ قُلْنَا: وَكَذَلِكَ فَسَّرَتْ أَخْبَارٌ أُخَرُ مَا أَجْمَلَهُ مَعْمَرٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ يَقُولَ هَذَا فِي الْقَرْضِ لَا فِي الْبَيْعِ، نَعَمْ، لَا يَجُوزُ فِي الْقَرْضِ صَاعَانِ بِصَاعٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَلَا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] .
فَإِنْ ادَّعَوْا إجْمَاعًا كَذَبُوا؛ لِأَنَّهُمْ يُجِيزُونَ صَاعَيْ شَعِيرٍ بِصَاعِ بُرٍّ، وَالنَّاسُ لَا يُجِيزُونَهُ كُلُّهُمْ، بَلْ يَخْتَلِفُونَ فِي إجَازَتِهِ.
وَصَاعَيْ حِمَّصٍ بِصَاعِ لُبْيَاءَ، وَلَا إجْمَاعَ هَهُنَا، فَمَالِكٌ لَا يُجِيزُهُ.
فَإِنْ قَالُوا: قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ» ؟ قُلْنَا: صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» فَإِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَصْنَافِ الَّتِي سَمَّى فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَ هَذَا اللَّفْظَ فِي آخِرِهِ - وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَوْلٌ بِظَنٍّ كَاذِبٍ.
وَيَكْفِي مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ مَعَنَا عَلَى لَفْظَةِ " لَا صَاعَيْنِ بِصَاعٍ " لَيْسَتْ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute