للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ بِمَنْعِهِ مِنْ النَّظْرَةِ فِيمَا عَدَا السِّتَّةَ الْأَصْنَافِ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ كَرَاهِيَةٌ لَا تَحْرِيمٌ، وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ عَلَى مَا نَذْكُرُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذِكْرِنَا أَقْوَالَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَعَادَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِهِمْ.

ثُمَّ كَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ، كَتَوْرِيثِ عُمَرَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا فِي الْمَرَضِ - وَقَوْلِ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ فِيمَنْ أَكَلَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْلٌ فَإِذَا بِهِ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَنَّ صَوْمَهُ تَامٌّ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ - وَفِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ - وَفِي أَنْ لَا يُقْتَلُ أَحَدٌ قَوَدًا بِمَكَّةَ - وَفِي أَنْ لَا يَحُجَّ أَحَدٌ عَلَى بَعِيرٍ جِلَالٍ - وَفِي غَيْرِ مَا قِصَّةٍ، فَكَيْفَ وَلَمْ يَأْتِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعَنْ عَطَاءٍ هَهُنَا إلَّا الْكَرَاهَةُ فَقَطْ، لَا التَّحْرِيمُ الَّذِي يَقْدُمُونَ عَلَيْهِ بِلَا بُرْهَانٍ أَصْلًا؟ وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ أَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ أَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَا وَكِيعٌ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إنَّهُ لَيُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ سِتْرٌ مِنْ الْحَرَامِ.

وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ خَافَ أَنْ يَزِيدَ فِيمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ الرِّبَا أَضْعَافَ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ خَوْفًا مِنْ الْوُقُوعِ فِيهِ عَلَى مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ أَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: إنَّا وَاَللَّهِ مَا نَدْرِي لَعَلَّنَا نَأْمُرُكُمْ بِأُمُورٍ لَا تَصْلُحُ لَكُمْ، وَلَعَلَّنَا نَنْهَاكُمْ عَنْ أُمُورٍ تَصْلُحُ لَكُمْ، وَإِنَّهُ كَانَ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا لِآيَاتِ الرِّبَا، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَهُ لَنَا، فَدَعُوا مَا يَرِيبُكُمْ إلَى مَا لَا يَرِيبُكُمْ.

قَالَ عَلِيٌّ: حَاشَ لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُبَيِّنْ الرِّبَا الَّذِي تَوَعَّدَ فِيهِ أَشَدَّ الْوَعِيدِ، وَاَلَّذِي أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بِالْحَرْبِ، وَلَئِنْ كَانَ لَمْ يُبَيِّنْهُ لِعُمَرَ فَقَدْ بَيَّنَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ كُلَّ شَيْءٍ لِكُلِّ أَحَدٍ، لَكِنْ إذَا بَيَّنَهُ لِمَنْ يُبَلِّغُهُ فَقَدْ بَلَّغَ مَا لَزِمَهُ تَبْلِيغُهُ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: تَرَكْنَا تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْحَلَالِ مَخَافَةَ الرِّبَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>