للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مُسْلِمٌ: وَنَاهُ أَيْضًا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ - أَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ مِثْلَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى» فِي آخِرِ الْحَدِيثِ، فَهَذَا هُوَ الْمُتَّصِلُ الصَّحِيحُ.

وَصَحَّ بِهَذَا كُلِّهِ أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ الْحَسَنِ أَخْطَأَ فِيهِ مَرَّةً وَاسْتَدْرَكَ أُخْرَى، أَوْ حَدَّثَ بِهِ مَرَّةً عَلَى مَا مَعْنَاهُ عِنْدَهُ، وَمَرَّةً كَمَا سَمِعَهُ كَمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ -

وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - فَبَطَلَ التَّعَلُّقُ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ جُمْلَةً.

فَإِنْ مَوَّهُوا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ «جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُعْطِي الصَّاعَ مِنْ حِنْطَةٍ بِسِتَّةِ أَصْوُعٍ مِنْ تَمْرٍ فَأَمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الطَّعَامِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ إلَّا مِثْلٌ بِمِثْلٍ» فَهَذَا لَا شَيْءَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ هُوَ سَاقِطٌ.

ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ مَوْقُوفًا عَلَى جَابِرٍ وَلَيْسَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ثُمَّ هُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمَالِكِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ، وَالْحَنَفِيِّينَ جُمْلَةً؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْنَعُونَ مِنْ التَّفَاضُلِ فِي التَّمْرِ مَعَ غَيْرِ الْبُرِّ، وَلَا يَقْتَصِرُونَ فِي إبَاحَةِ التَّفَاضُلِ فِي الْبُرِّ بِالتَّمْرِ خَاصَّةً، كَمَا فِي هَذَا الْخَبَرِ.

هَذَا كُلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْتَجُّوا بِهِ فَقَدْ تَقَصَّيْنَاهُ. وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ عَمَّنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَتَبَايَعُوا يَدًا بِيَدٍ مَا اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ مِنْ الطَّعَامِ - يُرِيدُ التَّمْرَ بِالْقَمْحِ وَالتَّمْرَ بِالزَّبِيبِ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: مَا اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ مِنْ الطَّعَامِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ، الْبُرُّ بِالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبُ بِالشَّعِيرِ، وَكَرِهَهُ نَسِيئَةً، وَكَانَ يَكْرَهُ الطَّعَامَ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ مِنْهُ بِشَيْءٍ نَظْرَةً.

وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ الْفَاكِهَةِ مَا يُكَالُ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ نَسِيئَةً.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ عُمَرَ فَمُنْقَطِعٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ خِلَافُهُ كَمَا نَذْكُرُ فِي ذِكْرِنَا قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>