وَهُوَ قَوْلُنَا - لِأَنَّ الْجِزْيَةَ بِلَا شَكٍّ وَاجِبَةٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلَا نَصَّ يُوجِبُ الْخَرَاجَ الَّذِي يَدَّعُونَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ إنْذَارٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِسُوءِ الْعَاقِبَةِ فِي آخِرِ الْأَمْرِ، وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ سَيَمْنَعُونَ حُقُوقَهُمْ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ وَيَعُودُونَ كَمَا بَدَءُوا، وَهَذَا أَيْضًا حَقٌّ قَدْ ظَهَرَ - وَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ - فَعَادَ هَذَا الْخَبَرُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِذْ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِمْ فَلْنَذْكُرْ الْآنَ الْبَرَاهِينَ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [الأحزاب: ٢٧] فَسَوَّى تَعَالَى بَيْنَ كُلِّ ذَلِكَ وَلَمْ يُفَرِّقْ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِ مَا صَارَ إلَيْنَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ مَالٍ، أَوْ أَرْضٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: ٤١] .
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْمُسْنَدِيُّ نَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو نَا أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ الْفَزَارِيّ - عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ حَدَّثَنِي ثَوْرٌ عَنْ سَالِمِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ " أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا، وَلَا فِضَّةً إنَّمَا غَنِمْنَا الْإِبِلَ، وَالْبَقَرَ، وَالْمَتَاعَ، وَالْحَوَائِطَ ".
فَصَحَّ أَنَّ الْحَوَائِطَ، وَهِيَ: الضِّيَاعُ، وَالْبَسَاتِينُ: مَغْنُومَةٌ كَسَائِرِ الْمَتَاعِ فَهِيَ مُخَمَّسَةٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَالْمُخَمَّسُ مَقْسُومٌ بِلَا خِلَافٍ
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ نَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا قَرْيَةٍ أَتَيْتُمُوهَا، وَأَقَمْتُمْ فِيهَا فَسَهْمُكُمْ فِيهَا، وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ خُمُسَهَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ هِيَ لَكُمْ» وَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ لَا مَحِيصَ عَنْهُ.
وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَّمَ أَرْضَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَخَيْبَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute