من طرق القصر التي أقرها بعض البلاغيين: ضمير الفصل، وهو أن يعقب المسند إليه بضمير الفصل بتخصيصه بالمسند؛ بمعنى جعل المسند مقصورًا على المسند إليه، كقولك: زهيرٌ هو الشاعر، ففيه قصرٌ لصفة الشعر على زهير، لا تتعداه إلى غيره، وطريق القصر هو الفصل بالضمير، وهذا الضمير حرف باتفاق جمهور النحاة وليس اسمًا، والقائلون بأنه اسم أكثرهم على أنه لا محل له من الإعراب، وهو يقع كما ترى بين المبتدأ والخبر كما في المثال المذكور، أو بين ما أصلهما المبتدأ والخبر كقولك: صار امرؤ القيس هو الشاعر، وعلمت أن حاتمًا هو الكريم، والمقصور عليه بهذا الطريق هو المبتدأ والمقصور الخبر.
وتلاحظ في الأمثلة المذكورة أن ضمير الفصل قد أفاد بالإضافة إلى القصر تأكيد نسبة الخبر إلى المبتدأ، وتلك الإفادة تراها وراء كل أسلوب من أساليب القصر، كما أفاد أيضًا الدلالة على أن ما بعد المبتدأ خبر له، وليس صفة؛ لأن قولك: زهير الشاعر، فيه إيهام أن الشاعر صفة لزهير، فإذا قلت: زهير هو الشاعر اندفع هذا التوهم، وأصبحت الجملة دالة دلالة بينة على أن الشاعر خبر لزهير لا صفة. ومن شواهد القصر بضمير الفصل قول الله تعالى:{فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}(المائدة: ١١٧) والتوفية في الآية بمعنى الرفع، وقد جاءت التوفية في كتاب الله على ثلاثة أوجه؛ بمعنى الموت كما في قوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى