صفة معينة محددة، وهي صفة الكتابة، وهذا لا ينافي أن يكون لزهير صفات أخرى كالخطابة مثلا، ففي القصر الإضافي يكون المنفي معينا محددا، والمراد ألا يتجاوز المقصور المقصور عليه إلى هذا المنفي المعين، وإن أمكن أن يتجاوزه إلى غيره، ومنه قولنا: الشاعر ذو الرمة لا زياد، فصفة الشعر مقصورة على ذي الرمة، لا تتعداه إلى زياد، وإن صح أن تتعداه إلى نصيب والكميت وجرير والفرزدق وغيرهم من الشعراء.
هذا، وينقسم القصر الحقيقي إلى قسمين: حقيقي تحقيقي، وحقيقي ادعائي، فالتحقيقي ما كان المنفي فيه عامًّا يتناول كل ما عدا المقصور عليه من حيث واقع الحال وحقيقة الأمر، كما في الشواهد التي مرت بنا، وكما في قولك: ما أكرمت إلا زيدًا، إذا كان الإكرام لم يقع منك إلا على زيد في واقع الأمر وحقيقته، ومنه قولنا: لا يحج إلى مكة إلا المسلمون، فالواقع يطابق هذا؛ لأن الحج إلى مكة مقصور على المسلمين، ومنفي عن كل من عداهم من أصحاب الملل الأخرى، ومنه قوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(الملك: ١) فصفة الملك مختصة بالله تعالى في الحقيقة والواقع، ومنفية عن كل ما عداه، ومنه كذلك قوله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(الفاتحة: ٥) فالعبادة وطلب العون مختصان بالله ومنفيان عن كل ما عداه في واقع الأمر وحقيقته، ومنه قوله عز وجل:{وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ}(آل عمران: ١٣٥)، فغفران الذنوب مختص بالله تعالى منفي عما عداه في الواقع والحقيقة.