دراسة علوم البلاغة وقواعدها تمكن الدارس من تحقيق الأهداف والفوائد التي توخاها المؤلفون في هذا العلم، ويمكن تلخيص هذه الفوائد فيما يلي:
١ - أنها وسيلة إلى معرفة إعجاز القرآن الكريم، فإذا أغفل الإنسان علم البلاغة وأخل بمعرفة قواعدها لم يستطع أن يدرك إعجاز النظم الكريم، ولم يعرف من أي جهة أعجز الله العرب عن أن يأتوا بسورة من مثله، وكان الرأي البعيد عن الصواب رأي إبراهيم النظام صاحب مذهب الصرفة إذ قال:"إن القرآن ليس معجزًا بفصاحته وبلاغته وأن العرب كانوا قادرين على أن يأتوا بمثله، ولكن الله صرفهم عن ذلك تصديقًا لنبيه وتأييدًا لرسوله -صلى الله عليه وسلم- حتى يؤدي رسالة ربه". وقد انبرى للرد على النظام جم غفير من العلماء، منهم الجاحظ والباقلاني والفخر الرازي، وناضلوا نضالهم المحمود، الذي خلد لهم في بطون الكتب، فكتبوا الفصول الممتعة مبينين فساد رأي النظام مقررين أن إعجاز القرآن إنما كان بما حوى من وجوه بلاغية، فاق فيها كلام العرب شعرهم ونثرهم، وارتقى بذلك عن مستوى كلام البشر. وإنما كان ردهم لقوله بالصرفة من وجوه:
أولها: أنه يستلزم أن يكون المعجز الصرفة لا القرآن، وهو خلاف ما عليه إجماع المسلمين. ثانيها: أن التحدي وقع بالقرآن على كل العرب، فلو كان الإعجاز بالصرفة، لكانت على خلاف المعتاد؛ أعني لكانت الصرفة إلى كل واحد ضرورة بالنسبة إليه فحسب، فيكون الإتيان بمثل كلام القرآن معتادًا له، وليس للقرآن كذلك.