نحن أو أنتم الألى ألفوا الحق ... فبعدًا للمبطلين وسحقًا
فقد استخدمت أو للإبهام فلا يواجه الضال بضلاله، فيكون في هذا تنفير له من قبول الحق والهداية.
وبهذا يتضح لك أن البلاغي يجد في معاني حروف العطف وسائل لتحقيق مآربه وإبراز أهدافه البلاغية السامية التي يهدف إليها ويقصد.
تعقيب المسند إليه بضمير الفصل:
ونختم بتعقيب المسند إليه بضمير الفصل، وقد يعقب المسند إليه بضمير الفصل فيفيد ذلك القصر؛ أي: قصر المسند على المسند إليه كقولك مثلًا: زيد هو المنطلق، وخالد هو الذي يجود بماله، ومنه قوله تعالى:{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}(التوبة: ١٠٤) فالمعنى لا يقبل التوبة عن عباده إلا الله، أو يفيد قصرًا مسند إليه على المسند كقولك: الكرم هو التقوى والحسب هو المال؛ أي: لا كرم إلا بالتقوى ولا حسب إلا بالمال، وقد يكون ضمير الفصل لمجرد التوكيد؛ وذلك إذا كان القصر مفادًا بغيره ب أن تكون الجملة معرفة الطرفين مثلًا كما في قول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}(الذاريات: ٥٨) وقوله -عز وجل-: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}(المائدة: ١١٧) وقوله -عز وجل -: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}(الحشر: ٢٠).