الجاهلية من قتل جماعة بواحد متى اقتدروا؛ فالقصاص فيه حَقن لدماء هؤلاء جميعًا، وأي حياة أعظم من هذه الحياة؟
ففرق بين التعظيم هنا والتعظيم فيما سبق.
هذا؛ ويصح أن يكون السر في التنكير في الآية الكريمة التي معنا:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} قصد النوعية؛ أي: إفادة نوع خاص من الحياة وهو امتدادها الحاصل للهام بالقتل والمهموم بقتله بالارتداع عن القتل للعلم بالقصاص؛ فإن الإنسان إذا هم بالقتل تذكر الاقتصاص فارتدع عنه، فعصَم صاحبه من القتل، وهو من القود، وامتدت حياتهم إلى أجل، وهذا الامتداد نوع خاص من الحياة.
ومن تنكير المسند إليه ل لتعظيم كلمة يسر في قول الله تعالى:{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}(الشرح: ٥، ٦) منه أيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم-: ((إن من البيان لسحرًا، وإن من الشعر لحكمة ً))؛ أي: سحرًا عظيم ًا وحكمة بليغة.
وقد يقصد من تنكير المسند إليه العكس؛ أي: تحقيره ب أن يقصد المتكلم التنبيه على أن المسند إليه بلغ في انحطاط الشأن درجةً لا يُعتد بها، ولا يمكن معها أن يعرف كقوله: شعور بالكرامة منجاة من مواقف الذل؛ أي: شيء ضئيل من الشعور بالكرامة عند الحر يقيه مواطن الهوان ويجنبه مواقفَ الصغار، وكقول إبراهيم بن العباس وكان عاملًا على الأهواز من قِبل الواثق بالله ثم عزل في وزَارة محمد بن عبد الملك الزيات، فقال مخبرًا عما صار إليه حاله من تخلي الأصحاب وتسلط الأعداء:
فلو إذ نبا دهر وأُنكر صاحب ... وسلط أعداء وغاب نصير
تكون على الأهواز داري بنجوة ... ولكن مقادير جرت وأمور