ومن دواعي تعريف المسند إليه بالموصولية أيضًا قصد الإيماء إلى وجه بناء الخبر؛ أي: الإشارة إلى نوع الخبر المراد إسناده إلى المسند إليه المعبر عنه باسم الموصول، من حيث كونه مدحًا أو ذمًّا أو نجاحًا أو إخفاقًا أو ثوابًا أو عقابًا، فإن المتكلم في بعض المقامات قد يقصد إشعارَ السامع بنوع الخبر قبل النطق به فيقتضيه هذا القصد أن يعرف المسند إليه بالموصولية؛ ليتحقق له الإيماء إلى نوع الخبر؛ نظرًا لما يكون في الصلة من مناسبة للخبر، تشعر بنوعه وطريق إسناده إلى الموصول قبل النطق به؛ كما في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا}(الكهف: ١٠٧) ففي مدلول الصلة وهو الإيمان والعمل الصالح ما يشير إلى أن الخبر المحكوم به من نوع الإثابة والإمتاع. وكقوله سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(غافر: ٦٠) وفي مضمون الصلة أيضًا وهو الاستكبار عن العبادة إيماء وإشارة إلى أن الخبر المترتب عليه من جنس الإذلال والعقوبة.
ومن ذلك قولهم: إن من يصبر ويتأنَّى ينال ما يتمنى، ومن يستمرئ مرعى الكسل يجانبه الأمل، ففي الأمل إيماء إلى أن الخبر من نوع الفوز والنجاح، وفي الثاني إشارة إلى أن الخبر من جنس الإخفاق والحرمان.
وهكذا يؤتَى بالمسند إليه معرفًا بالموصولية للإشارة إلى نوع الخبر المراد إسناده إليه أو الحكم به عليه، فيفطن المخاطب من فاتحة الكلام إلى ما تدل عليه خاتمته، والمرجع في ذلك إلى الذوق السليم.
هذا؛ وقد يكون الإيماء إلى نوع الخبر مقصودًا لذاته -كما سبق - وقد لا يكون مقصودًا لذاته، بل المقصود جعله وسيلة وواسطة لغرض آخر وهو التعريض بتعظيم شأن الخبر، أو التعريض بإهانته، أو التعريض بتعظيم شأن غير الخبر، أو التعريض بإهانة وتحقير غير الخبر.