من ذلك أيضًا: التسجيل على الثابت، كأن يقول القاضي لشاهد واقعة هل أقر هذا بأنه فعل كذا؟ فيقول الشاهد: نعم، فلان هذا أقر بكذا، ويذكر المسند إليه لئلا يجد المشهود عليه سبيلًا إلى الإنكار فيما لو لم يذكر اسمه، وجعل الشيخ عبد المتعال الصعيدي - يرحمه الله - من الذكر للتسجيل على السامع حتى لا يتأتى له الإنكار قول الفرزدق في علي بن الحسين - رضي الله عنهما - حين أنكر هشام بن عبد الملك معرفته:
هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العَلَم
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ... بجده أنبياء الله قد ختموا
من دواعي ذكر المسند إليه: إظهار تعظيم المسند إليه أو إهانته؛ فالأول نحو: أمير المؤمنين حاضر، والثاني نحو: السارق اللئيم حاضر، جوابًا لمن سأل عنهما ليفيد المتكلم سامعه أن تلك الذات المعبر عنها بهذا الاسم عظيمة، وأن هذه المعبر عنها بهذا الاسم مَهانة.
من ذلك أيضًا: إظهار التعجب من المسند إليه، وذلك حيث يكون الحكم غريبًا يندر وقوعه، كما في قولك محدثًا عن إنسان سبق ذكره: فلان يصارع الأسود، أو يحمل أطنانًا من الحديد، وتذكر المسند إليه لقصد إظهار التعجب من شدة بأسه؛ إلى غير ذلك من نكات الذكر، إذ ليست سماعية حتى يمكن استيعابها، بل المدار في ذلك على الذوق السليم، فما عده الذوق داعيًا من دواعي الذكر أو الحذف أو غيرها أُخذ به وإن لم يذكره أهل البلاغة.