ومما ذكر فيه المسند إليه لغرض الإيضاح والتقرير الخبر وتأكيد الحكم المحكوم به على المسند إليه أيضًا قول الله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(الرعد: ٥) حيث ترى المسند إليه يُذكر ويكرر مع كل خبر عنه ومع كل حكم عليه، وكان من الممكن أن يكتفَى بذكره أولًا ويحذف بعد ذلك، ولكنه -والله أعلم- قصد إلى تقرير هذه الأخبار وتأكيد هذه الأحكام، فهم كفروا بربهم وهم الأغلال في أعناقهم وهم أصحاب النار، وفي هذا تكرار للمسند إليه من إعلان الغضب والوعيد ما لا يخفى.
ومن ذلك أيضًا قول الله تعالى:{أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(لقمان: ٥) ففي إعادة ذكر المسند إليه زيادة تقرير وإيضاح، وإبراز لمكانة هؤلاء المؤمنين الذين آمنوا بالغيب وأقاموا الصلاة وأيقنوا بالدار الآخرة.
من هنا نعلم أن ذكر المسند إليه كما يكون لزيادة إيضاحه وتقريره في نفسه، يكون كذلك لإيضاح الخبر عنه وتقرير الحكم عليه، وتأكيد المعاني المنسوبة إليه.
وقد يجتمع هذان الغرضان لذكر المسند إليه في كلام واحد كما تراه مثلًا في قول عمرو بن كلثوم:
قد علم القبائل من معد ... إذا قبب بأبطحها بنينا
بأنا العاصبون إذا أطعنا ... وأنا الغا نم ون إذا عصينا
وأنا المنعمون إذا قدرنا ... وأنا المهلكون إذا أوتينا
وأنا الحاكمون بما أردنا ... وأنا النازلون بحيث شينا
وأنا التاركون لما سخطنا ... وأنا الآخذون لما هوينا
حيث تجده قد ذكر المسند إليه وكرره، والسر في ذلك هو تقرير ما أخبر به عن قومه، وتأكيد المعاني المنسوبة إليه في الوقت ذاته تجد للذكر سرًّا آخرَ يتصل