للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما ما استنبطه الشوكاني-ومن قال بقوله- فيؤيده-كما قال الشوكاني- حديث: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر".

وذكر الجصاص وجوها أخرى تؤيده فقال: (والدليل -على صحة القول بعدم التشريك- قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ … رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} فنص على فرض الإخوة من الأم وهو الثلث، وبين أيضا حكم الإخوة من الأب والأم في قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: من الآية ١٧٦] فلم يجعل الله لهم فرضا مسمى، وإنما جعل لهم المال على وجه التعصيب، للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا خلاف أنها لو تركت: زوجا، وأما، وأخا لأم، وإخوة وأخوات لأب وأم: أن للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ من الأم السدس، وما بقي وهو السدس بين الإخوة والأخوات من الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولم يدخلوا مع الأخ من الأم في نصيبه، فلما كانوا مع ذوي السهام إنما يستحقون باقي المال بالتعصيب لا بالفرض؛ لم يجز لنا إدخالهم مع الإخوة من الأم في فرضهم؛ لأن ظاهر الآية ينفي ذلك إذ كانت الآية إنما أوجبت لهم ما يأخذونه للذكر مثل حظ الأنثيين بالتعصيب لا بالفرض، فما أعطاهم بالفرض فهو خارج عن حكم الآية، ويدل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى عصبة ذكر" فجعل للعصبة بقية المال بعد أخذ ذوي السهام سهامهم، فمن أشركهم مع ذوي السهام وهم عصبة فقد خالف الأثر.

فإن قيل: لما اشتركوا في نسب الأم وجب أن لا يحرموا بالأب، قيل له: هذا غلط؛ لأنها لو تركت: زوجا، وأما، وأخا لأم، وإخوة وأخوات لأب وأم؛ لأخذ الأخ من أم السدس كاملا، وأخذ الإخوة والأخوات من الأب والأم السدس الباقي بينهم، وعسى يصيب كل واحد منهم أقل من العشر، ولم يكن لواحد منهم أن يقول قد حرمتموني بالأب مع اشتراكنا في الأم، بل كان نصيب الأخ من الأم أوفر من نصيب كل واحد منهم؛ فدل ذلك على معنيين:

<<  <   >  >>